نساء أمم شرقية وغربية، نسبة المتعلمات بينهن دون نسبة المثقفات لدينا، اجل نرى عجباً إذ نجد نساء تركيا والهند والبلقان وبعض الممالك ألاتينية والسلافية وكذا نساء الصين يتمتعن بالحقوق الاجتماعية والمدنية والسياسية، على أن نساءنا بقين محرومات من معظم هذه الحقوق. هذا سؤالي وإذا سمحتم بان أكفيكم مؤنه الجواب عليه فأقول: ليس السر في ذلك أن نساء لأمم الأخرى اللاتي تمتعن يتلك الحقوق بلغن ما بلغته بفضل رقي المرأة وإلحاحها بالمطالبة بحقوقها فحسب، كلا فأن المرأة الغربية جاهدت مدة جيل في سبيل الحصول على المساواة مع الرجل ولكنها لم تحظ بهذه الأمنية في معظم الدول الكبرى إلا فجأة بعد أن كان صوتها قد خفت وكانت قد انصرفت عن الافتكار بهذه المساواة. ذلك لان الرجل الذي كان ينكر على المرأة حقها قبل الحرب العامة لم يلبث أن استسلم لشقيقته بعد انتهاء هذه الحرب وساعدها على بلوغ حقوقها كرة واحدة ولم يكن هذا التساهل يأتيه الرجل عن انقلاب علمي في عقيدتهم، كلا، بل حدث عن براهين حسية قدمتها المرأة أثناء الحرب ساكنة صامتة بما بذلته من خدمات جلى لأوطانها، براهين لم يسع الرجل المعترف بجميل المرأة إلا إن يقنع من بعد بصواب مطالبيها وصحتها وكذلك كان شأن المرأة التركية فان ما بذلته في الثورة الكمالية من المظاهرة لها وتأييد مباديها أوصلها إلى حقوق مدنية وسياسية ما كانت لتنالها في نصف جيل لو اقتصرت على المطالبة المجردة. ويقال مثل ذلك عن المرأة الهندية التي ساوت الرجل مساواة كاملة في الحقوق العامة. فان مظاهرتها للرجل قي الجهاد الوطني كانت أعظم مساعد لها على التمتع بهذه المساواة. ولقد ذكرتني بطولة المرأة الهندية ببطولة المرأة العربية في صدر الإسلام فأن عجوزاً هندية مسلمة فجعت أخيراً في ثورة غندي بوحيد لها فازرفت دمعات حارة على وجنتيها الجعديين. ولما حاول صحبها أن يطيبوا خاطرها قالت ولست احزن على فقد وإنما اذرف الدمع آذ لم يبق لي ولد آخر يستمر بعده على خدمة الوطن ثم يبذل نفسه فداء للوطن
سيداتي - تلك هي السبل التي سلكتها المرأة في الأقطار الأخرى فبلغت بها حقوقها كاملة، وتلك هي السبيل التي يجدر بسيداتنا أن يسلكنها لنيل ما نالته نساء العالم من الحقوق: فأن مظاهرة وطنية واحدة تظاهر المرأة فيها الرجل تجعله يتأهب للتخلي عن حقوقها أشد من ألف خطاب يصفق له بيديه مجاملة، ويغلق فؤاده دونه استنكاراً. وأني إذا خصصت