الوطنية بالذكر والعناية بالوطنية فلا أقصد بذلك دعوة سيداتي للتخلي عن واجباتهن الأخرى وإنما أخصها بالذكر لأن المرأة غافلة عنها حتى كأني بها تحسبها من واجبات الرجل وحده. على حين أن اهتمام المرأة بالوطنية يؤمن مصلحتها ومصلحة الوطن أيضا سياسياً واقتصادياً. مثلا فان مصدر خراب هذه البلاد أاكتساح المصنوعات والمحصولات الأجنبية أسواقنا بينما نحن عزل عن أسباب الدفاع، وما العدة للدفاع في هذا الميدان الاقتصادي إلا النعرة الوطنية فلو أن التعصب الوطني متأصل في نفوس نسائنا تأصله في نساء فرنسة وألمانيا لكان يتاح لنا أن ندفع عن أسواقنا الجارف الأجنبي بما للمرأة في الأوساط الاجتماعية والعائلية من تأثير عظيم، فكم جرّبنا يا سادة أن نقاطع البضائع الأجنبية وكم جربنا أن نعمل على ترويج المحصولات الوطنية وكنا مع ذلك نفشل على الدوام وعبثا ننجح في الآتي إذا لم تشعر المرأة قبل الرجل شعوراً عميقاً بوجوب هذه المقاطعة فتشعر الأمة بأسرها من ورائها. وفضلا عن كل ذلك فانا لنرتجى من عناية المرأة في الوطنية فائدة جلى من حيث تأليف رأي عام. فأن بلاداً كبلادنا تعددت فيها الطوائف وتنازعت فيها الأهواء جعلت حكم الرجل في الشؤون العامة يأتي على الأغلب مطبوعاً بطابع المصلحة، وإما كان نساؤنا لايزلن مترفات عن المصالح الشخصية والطائفية فمن المنتظر أن تكون أحكامهن وأفكارهن أشد تقارباً وأكثر إنصافاً، وتكون من ثم أقوى على تأليف رأي عام.