للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب والصحف]

الشرف عند العرب قبل الإسلام

لم يدر في خلد أن للشرف أهمية كبرى في تاريخ الحياة الجاهلية وإنه كان الأساس الذي قامت عليه دعائم حياة العرب الاجتماعية والدينية والقومية حتى جاءت أطروحة السيد بشر فارس لجامعة باريس وفيها من طريف الابتكار وجيد التحليل ودقة الاستقراء ما جعل هذه الرسالة جديرة بكل مطالعة واهتمام. ولا شك أن هذه الأطروحة ستكون خير معوان لمن يريدون تفهم حياة العرب قبل الإسلام تفهماً علمياً صحيحاً.

تتلخص الفكرة التي أراد المؤلف أثباتها بعد أن حلل العوامل التي تؤلف عاطفة الشرف عند العرب تحليلاً اجتماعياً علمياً - إن الشرف كان يقوم في عصور الجاهلية بدور يشبه تمام الشبه الدور الاجتماعي الذي تلعبه الأديان في عصرنا. وإذا فهمنا إن الدين هو عبارة عن مجموعة متوحدة لاعتقادات وطقوس لها مساس بالأشياء المقدسة أي أنها في معزل ومحرمة على الناس، وإن من أثر هذه الاعتقادات والطقوس أنها تجمع في محيط أخلاقي كل الذين يدينون بهذه الاعتقادات

أيقنا أن الدين كان عاجزاً عن القيام بمثل هذا الدور الاجتماعي - الأخلاقي لأسباب أهمها:

١ - كثرة الأديان التي كانت شائعة في الجاهلية الوثنية في مكة والطائف، والمسيحية في ربيعة وغسان وقضاعة، واليهودية عند بني الحارث وبني كعب وكندة وأهل يثرب ووادي القرى وتيماء والمزدكية عند تميم وقد يرجح بعض المؤرخين وجود بعض الزنادقة والصائبة وعباد الملائكة والجن.

٢ - على أثر اختلاف الديانات نشأت اختلافات في العقائد فقد اعتقد بعض الجاهلين التقمص وبعضهم خلود النفس وسموا بالدهرية وآخرون أنكروا البعث وغيرهم وجود الآله وذهب بعضهم إلى أن امتزاج عوامل الطبيعة هي التي تخلق الحياة وإن انحلال هذه العوامل هو الذي يؤدي إلى خرابها وقد اعتقد البعض أن الملائكة هن بنات الآله.

٣ - ضعف العاطفة الدينية عند العرب فقد جاء القرآن أكثر من مرة مصدقاً هذا الرأي (الأعراب أشد كفراً. . . ٠ الخ الآية).

٤ - خلو أشعار العرب ومعلقاتهم من كل عاطفة دينية.

<<  <  ج: ص:  >  >>