قد أخطئ فيحاول عقلي أن يثبت ما توهمه حسي فلا أصل إلى نتيجة، بل أشعر بفساد الحدس الأول وأعجب من محاولتي البرهان على شيء باطل، ذلك لأن الحدس الأول قد تولد من علاقات حسية، واتفاقات محدودة، فعممت نفسي ما شاهدته، وظننت أن ما ينطبق على هذه الأمور المحدودة ينطبق أيضاً على غيرها. . . فما أكثر الخطأ الذي يتولد من التعميم.
لو كان الإنسان قليل الخيال، مقيد الإرادة لخف الخطأ. ولكن الخيال زهرة، وهو نفسه يقود الإنسان إلى الهاوية.
ولو كنت مؤيد النفس بشدة الصفاء لما أخطأ حدسي، غير أن حجاب الحس الكتيف يمنعني من النفوذ إلى أعماق الأشياء.
إذا أشرق الحدس وانبلج النور، صمت العقل، ونطق الخيال.
حدسي وخيالي هما سبب حزني لا بل علة سروري، ولعلهما كانا أيضاً علة وجودي. . . فيا ليتني كنت ضعيف الحدس، ميت القلب قليل الخطأ، ضيق الخيال.