لقد مات فيصل شهيداً في سبيل واجبه وإعلاء شأن أمته فأحدث موته فراغاً في العالم العربي من الصعب إملاؤه وحزنت عليه الأمة العربية حزناً شديداً وبكته والعالم الإسلامي بكاء مراً ورئته بما أوتيت من فصاحة وبلاغة حتى لم يبق من زيادة لمستزيد ولعل الجراح التي أصابتني بفقد جلالته هي أكبر وأعظم من أي جرح أصاب غيري وذلك لما كان بينه وبيني من الروابط الوثيقة منذ أمد بعيد قبل الحرب العامة وفي عضونها وبعد فقد كنا من أعضاء (الجمعية العربية الفتاة) نشتغل سوية في تجديد الكيان العربي بما يتفق مع ماضي الأمة العربية المجيد وكنت على اتصال دائم به يوم قلدت منصب الحاكم العسكري العام على المنطقة الشرقية (سورية الداخلية) في البلاد العربية ويوم قيامي بمنصب رئاسة الوزارة في أوائل ملكه على سورية مما جعلني أن أكون في مقدمة المطلعين على نواياه الحسنة ومساعيه الجبارة في سبيل تأسيس مملكة عربية عامة لها شأنها ومركزها بين الممالك كما أتيح لي أن أكون في طليعة الواقفين أيضاً على أخلاقه الرضية ومزاياه الشريفة التي قلما اجتمعت في بشر غيره مهما علت منزلته والتي من أهمها أنه كان رحمه الله ينظر كلل فرد من أفراد الأمة العربية نظره إلى أخوته وأبنائه ويعتبر البلاد العربية كلها وطناً له فيبحها ويضحي في سبيلها أعز شيء لديه لذلك كله اعتقد أنه من واجبي أن أقدم لقراء العربية هذه السطور أذيع فيها بعض الحقائق خدمة للتاريخ وتوطئة لمذكراتي التي سأنشرها فيما بعد.
لقد أدمى موت فيصل العرب رمز الأماني القومية قلوب جميع أبناء أمته على أن هنالك حتى بين الباكين عليه أناساً ممن لا خلاق لهم كانوا يضعون العراقيل في طريقه لا يجوز أن يبقى أمرهم بعد الآن مكتوماً فإن نجاح الأمة في مستقبلها يوجب إماطة اللئام عن حقيقة