للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تلك الأعمال الخفية أو الاكتفاء بالإشارة إليها ليظهر ما اتصف به رحمه الله من شريف الخصال وحسن النية وما امتاز به من كرم الخلق وبعد النظر وعلو الهمة.

لقد بلغت الأمة العربية قبل الحرب العامة مبلغاً كبيراً من التأخر والانحطاط بعد أن كانت في عصورها الغابرة مثالاً للعظمة والمجد بما اتبعته من حسن السياسة ومشت عليه من قواعد الحرية والعدل والمساواة ولقد ساقها ما تسرب إلهيا من الوهن والضعف والهرم إلى الجمود والتدهور في هاوبة فساد الأخلاق فجثت على نفسها بنفسها وبلغت ما بلغته بتقصيرها وتقاعسها فكانت مصادقاً لقوى تعالى (وما كنا لتلك القرى بظلم وأهلها مصلحون).

وما زالت وهذا شأنها حتى أراد الله إنقاذها مما هي عليه فأدركها برحمة منه وقبض لها رجلاً منها هو أمير الحجاز آنئذ جلالة المغفور له ساكن الجنان ملك العربي الحسين بن علي يساعده على العمل أنجال الكرام وفي مقدمتهم فقيدنا العظيم فيصل العرب الذي لا بد لنا قبل الاسترسال في الموضوع من ذكر نبذة عن تاريخ حياته المملوء بجلائل الأعمال في سبيل هذه النهضة العربية الجديدة.

[فقيد العرب فيصل]

ولد رحمه الله بمكة المكرمة سنة ١٣٠٢ هجرية ودرس وأخوته مبادئ العلوم على أساتذة خصوصيين في قصر والدهم تبعاً لعادات أشراف مكة وقد كانون يتمرنون أيضاً على ركوب الجياد وممارسة ما تتطلبه الفروسية من استعمال السيوف وقذف الرماح وإطلاق النار فترعرع وهو يحسن الرماية والفروسية وحينما عين والده عضواً في مجلس الشورى في الآستانة صحبه معه وكان له من العمر إذ ذاك ست سنين ثم لما تعين والده أميراً على الحجاز في سنة ١٩٠٨ عاد معه إلى مسقط رأسه وله من العمر خس وعشرون سنة وبالنظر لما فطر عليه من الذكاء والشجاعة فكثيراً ما كان يوليه والده القيادة لإخضاع المتمردين من قبائل الأعراب فذاع صيته واشتهر اسمه بعد أن أصبح قائداً مدرباً خبر الأيام وعركته الوقائع. ولقد كان من جملة الأهداف السياسية التي رمت إلهيا الحكومة العثمانية في أواخر عهدها وعلى رأسها جمعية الاتحاد والترقي القضاء على القوميات غير التركية وبصورة خاصة على القومية العربية التي بدأت تنمو وتتجدد ومن المعلوم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>