لقد مضى مع مقامك مع والديك في بحمدون شهور لم يصل إليّ في خلالها شيءٌ من أخبارك. لقد قبل سفرك أن تكتبي لي من حين لآخر فهل أصبح من الصعب على من كانت أولى الصف في الإنشاء العربي كتابة بضع أسطر لأحدى رفيقاتها القديمات؟. ليس لدي من الأخبار في دمشق ما يهمك الإطلاع عليه سوى إني ألقيت في الأسبوع الماضي الراهبة الأخت سيسيل أستاذتك القديمة، وقد ذكرت لي وهي تعرف ما بيننا من أواصر الود، أنها لم ترك منذ وقت طويل ثم سألتني عن أحوالك وعن البلد الذي تقضين فيه شهور هذا الصيف وفيما إذا كان من الصحيح إنك مخطوبة لحسن بك الكندي وقد أضافت على ذلك بقولها أنها لا تجد أحق منك بهذا الشاب المثري الذي يعد اليوم من نوابغ السوريين. وأعلمك بأنها ليست الأولى التي تسألني عن ذلك، فالإشاعة حول هذه الخطبة تدور في أكثر البيوت في دمشق حتى يقولون بأن عقد القران لا يلبث أن يتم عقب عودتكم إلى دمشق، ولم يبق الآن إلا موافقة الباشا والدك.
لقد خففت من حنقي عليك حينما ذهبت بي الاعتقاد إلى أن مشاغلك الذهنية في أمر هذه الخطبة هي التي قد تكون ألهتك عن موافاتي بأخبارك، على أني أميل إلى الظن أيضاً بأن هذه المشاغل كلها لن تمنعك من أن تبر بوعدك فتكبين لي فلقد أصبحت أشوق ما يكون إليك يؤلمني هذا الفراغ الذي أشعر به في نفسي منذ افترقنا.
عهدتك لا تخفين عليَّ شيئاً من شؤونك فاكتبي لي عما تقرأين في هذه الأيام وبماذا تفكرين وكيف تقضين الوقت في بحمدون ولا تنسي أن تقدمي احترامي إلى السيدة والدتك.
من مليحة إلى فائزة
بحمدون في ٢٨ أيلول سنة ٩٢٩
ما أكرمك في الود يا صديقتي العزيزة وما أشد وفاءك. لقد كانت على وشك أن أكتب إليك