أقام المعلمون والمعلمات بدمشق في ٩ تموز سنة ١٩٣٤ حفلة لمستشار المعارف المسيو كوله بمناسبة تأصله وسفره إلى فرنسا ألقى فيها حضرته خطاباً رأينا أن نقتطف منه بعض المعاني لأنها ذات علاقة بالإصلاح وتمازج الثقافتين الشرقية والغربية، فمما قاله:
يمكنني أن أقدم لكم شهادة محسوسة على ما أشعر به نحوكم بتحليل انفعالاتي قبيل السفر. نعم إنني سعيد بحصولي على شيء من الراحة بعد عمل متصل دام ٢١ شهراً. وأراني سعيداً أيضاً بالرجوع إلى فرنسا لمشاهدة سواحل بلادي وجبال وطني والاجتماع بأسرتي. ولكن هذا السرور ليس خالصاً من شائبة لأنني لا أغادر سوريا ولا أقطع عملي المعتاد إلا وأشعر بضيق في القلب. والسبب في هذه الحسرة أنني أغادر، بابتعادي عن دمشق وسوريا، طائفة من المعاونين والأصدقاء الذين تعودت العمل معهم فارتبطت بهم ارتباطاً عميقاً.
ثم مدح حضرته معلمي سوريا وإخلاصهم وقال أنه عرفهم في جميع درجات التعليم سواء أكان في المدارس الابتدائية أم في الثانوية أو في الجامعة وقال إنه وجد تضحيتهم في أيام الشقاء لا تقل عن إخلاصهم في أيام الرفاه وإنه لا يزال يذكر اليوم الذي طلب فيه من أساتذة التجهيز أن يقبلوا التدابير التي اتخذتها وزارة المعارف لحفظ الميزانية ويذكر أن جميع الأساتذة رضوا بذلك وأنهم ما في وسعهم من الجهود بكل إخلاص وتضحية.
قال: إن نتائج مجموع هذه الجهود وهذه التضحية التي رضي بها المعلمون بإخلاص واحد سواء أكان ذلك في المدارس الابتدائية أم في الصفوف الثانوية أم في غرف محاضرات الجامعة، أقول أن نتائج هذه الجهود عديدة مثمرة. لا أريد أن أذكرها كلها هنا ولكنني سأذكر منها بعض الأمثلة الرمزية الدالة عليها. فأولاً يمكنني أن أذكر نمو التعليم من جهة الكمية. كان عدد التلاميذ سنة ١٩٢٦، ٢٧. . . تلميذ فأصبح في هذه السنة ٧٦. . . . إن هذه الزيادة من واحد إلى اثنين متساوية بين المؤسسات الرسمية والمعاهد الأهلية وهي أعظم زيادة حصل عليها في الشرق الأدنى. وفي الحق أن الأعداد تدل على أن نمو التعليم في سوريا منذ سنة ١٩١٩ أعظم من نمو التعليم في العراق وتركيا ومصر، تلك البلاد التي تقطع في طريق الارتقاء مراحل كبرى. إن لإخلاص المعلمين التأثير الأول في هذا النمو. ومن نظر إلى عدد التلاميذ في الصفوف قدر هذا الإخلاص، إن عدد المعلمين الذين يجب