تاريخ بغداد أو مدينة السلام للحافظ أبي بكر احمد بن علي الخطيب وضعه في أزهى عصور الإسلام منذ تأسيسها إلى وفاته عام ٤٦٣
يشتمل على وصفها وتخطيطها وتراجم من كان فيها من الخلفاء والملوك والأمراء والوزراء والأشراف والعلماء من جميع الطبقات. وقد ظهر منه عشرة مجلدات ولا يزال مجلدان تحت الطبع. وهو بأجمعه يأتي في ٤٨٠٠ صفحة طبع للمرة الأولى بنفقة مكتبة الخانجي بالقاهرة والمكتبة العربية ببغداد ومطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة ١٣٤٩ وفق سنة ١٩٣١.
هذا الكتاب لا يوجد في أدباء العربية من لم يسمع به فهو من أشهر التواريخ وهو لبغداد كتاريخ ابن العساكر لدمشق. ولم أكن أطلعت عليه وإنما أهدانيه أحد أصدقائي من كبار العراقيين جزاه الله خيراً. فوقعت عليه وقوع الذباب على الحلوآء. وبدأت بدرس الجزء الأول منه فأعجبني جداً بيانه السهل الممتنع وهو في رواياته يعتمد على أسلوب علمائنا في العنعنة مع مزيد التحري. وهو أسلوب لا يقدر عاقل أن يطعن فيه لأن الرواية يجب للثقة بها الإطلاع على اسانيدها من كل الجهات وإلا فلا يكون التاريخ تاريخاً. وها نحن أولاء نرى علماء الإفرنجة يبالغون في التدقيق والتمحيص وقد يحررون عن واقعة واحدة كتاباً كثير الورق يبلغون فيه الأمد الأقصى من الأخذ والرد بتصفح وجوه الروايات ومقابلتها بعضها ببعض ويذكرون المصادر التي أخذوا عنها مع تبيين الكتاب والصفحة والسطر والطبعة أية سنة كانت وما أشبه ذلك. فمذهب العنعنة في الإسلام لا يؤتى ولا من جهة. وغاية ما يقول أنه يجوز للكتاب في حال اختصاره حذف أسانيده.
وأما أهمية هذا الكتاب فهي على نسبة أهمية البلدة التي وضع لأجلها. فبغداد في الحقيقة تمثل مدينة الإسلام لأنها أكبر بلدة عمرها المسلمون بأيديهم وكانت حضارتها إسلامية من أولها إلى آخرها. ولم تبلغ بلدة في الإسلام ما بلغته دار السلام من عظمة وسعة وثروة ونعيم. وجميع مدن الإسلام التي اشتهرت في التاريخ كدمشق وحلب والقاهرة والقيروان وفاس وقرطبة والبصرة واصفهان وسمرقند وغيرها إنما تأتي رديفة لبغداد. ذكر الحافظ