أعضل، وأن نفسه النفسية على خطر، فنسأل الله أن لا يرزأ الملة بإحدى بواصر عيونها، ولا يفجع الحكمة المشرقية بأمتن أساطينها، وأن يحفظ حياته ذخرا في هذه الأيام، ويقرب شفاءه برا بالوطن والإسلام!، آمين
[حرية الرأي]
في الشرق العربي
إن صح ما أقرَّه علماء الاجتماع المعاصرون من أن للجماعات في تطورها كما للأفراد في حياتها مراحل لا بد من قطعها ومناطق لا مندوحة عن اجتيازها في الانتقال من حال إلى حال فأبناء القطر السوري وكثير غيره من أقطار الشرق العربي يجتازون اليوم في بعض وجوه تفكيرهم وإبداء آرائهم وكثير من أوضاعهم الاجتماعية , مراحل قطعها أبناء الغرب في أواخر القرون الوسطى التي انقضت منذ خمسمائة عام تقريباً. وهي حقيقة يحتاج التصريح بها لشيء من الجرأة وعلى الأخص إذا كان قائلها من أولئك الذين درسوا في جامعات الغرب لأن أكثر هؤلاء قد اتهموا في جميع أقطار الشرق العربي بتهمة حبك الشيء يعمي ويصم لا لأنهم أحبوا ما رأوه في الغرب فأعماهم ذلك عن الحقائق بل لأن أخصامهم من ذوي الأفكار المتجمدة وجدوا في العداء السياسي القائم بين الشرق والغرب ثلمة انحدروا منها للوصول إلى أغراضهم في تصغير شأن أخصامهم والنيل منهم فكان لهم ما أرادوا في شعب لم تزل العاطفة الهوجاء لا تقيم فيه على الغالب للعقل حساباً أو وزناً. وليس من المحتم على من تعرض لمثل هذه المقابلة الخطرة بين ما كانت عليه أفكار الناس في أواخر القرون الوسطى في الغرب وما هي عليه أكثر الآراء والعقائد في سورية وكثير من أقطار الشرق العربي اليوم أن يثبت الشبه في جميع الوجوه والمناحي حتى يقنع الناس أن لا فرق هنالك قط بين العصرين في جميع صورهما ومظاهرهما فمراحل التطور الاجتماعي تقطعها الجماعات على وتيرة واحدة وتبعاً لنظام واحد ولكن أشكال هذه المراحل تختلف باختلاف الشعوب وتتباين بتباين العناصر والأديان واللغات عدا ما هنالك من عوامل مفاجئة ومؤثرات طارئة فإذا كان مثلاً في عقائدنا وعرفنا وتقاليدنا الشرقية في عصر الكهرباء والسرعة بعض الوجوه التي تختلف عما كانت عليه الآراء في الغرب منذ