يجدر بنا والسل متفش تفشياً راعباً في سورية والأفكار قلقة لشره المستفحل أن نكتب تاريخ هذا الداء مبينين تطور الأفكار فيه منذ أن عرفه الطب حتى يومنا.
في سورية ولبنان اليوم نهضة مباركة لمكافحة هذا الداء وصد هجماته وهي أشد في لبنان منها في سورية مع إن السل أشد فتكاً وأكثر انتشارً هنا منه هناك:
غير أن جمعية مقاومة السل في دمشق قد أخذت على عاتقها بناء مصح تتوفر قيه جميع الشروط لإيواء من غضهم هذا الداء بنابه. وهي دائبة على العمل وربما أوفدت أحد الاختصاصيين إلى بلاد الغرب لدرس المصحات فيها وستباشر البناء قي القريب العاجل لأن المال قد توفر لها
كما أن الآنسة دوكره هذه المرأة التي لا تثني المصاعب عزيمتها قد شمرت عن ساعد الجد بعد أن هالها مار أته في عيادات المستشفى الوطني من جيش المسلولين فجمعت مبلغاً كافياً من المال من سورية وفرنسة لإنشاء مستوصف يعاين فيه المرضى فيعالج منه من لا يحتاج إلى استشفاء ويبعث بالآخرين إلى المصحة. وقد افتتحت هذا المستوصف في السادس عشر من حزيران المنصرم في إحدى دور الجامعة والهمة مبذولة لإتقان هذين المشروعين اللذين يخففان من وطأة هذا الداء العقام ويقيان مئات الأطفال منه بعد أن يعم التلقيح بلقاح ع. ك. غ.
فداءٌ كهذا يمرح بيننا ويذبل ألوفاً من زهرات أبنائنا وبناتنا في السنة الواحدة يليق بنا أن نكتب تاريخه ليطلع عليه قراء هذه المجلة الزاهرة ولعلنا نخصص مقالاً آخر للبحث في طرق اتقائه:
لن نجد للسل ذكراً إلا في السنة ١٨٠٠ ق. م. عند الهنود الأقدمين الذين كانوا يعدون المسلول كالمجذوم خطراً على من يساكنه ويجاوره وكانوا يتجنبونه تجنب الأفعى وقد منع البراهمة في ذلك العهد التزوج بالفتيات المتحدرات من سلالة فيها بعض المسلولين مهما كان ثراؤهن ونبل محتدهن. غير أننا لم نقف على وصف مسهب للسل ذكرت به أعراضه وبعض عراقيله إلى في زمن اليونانيين منذ ٥٠٠ سنة ق. م. فقد ورد أن أوريفونوس الكنيدي كانا يعالج المسلولين بلبن النساء والكي وكان يظن كالمصريين القدماء أن الأمراض مسببة من الإفراط في الغذاء ولعل أوريفونوس هذا مؤلف كتاب (الحكم الكنيدية