والحمية النافعة في الأمراض الباطنة) الذي ورد ذكره في قانون أبقراط ولم يعثر على نسخة منه حتى الآن على ما أعلم.
وكان السل مرضاً شائعاً فتاكاً في عهد أبقراط أبي الطب الذي ولدفي جزيرة كوس من جزر بحر إيجه سنة ٤٦٠ ق. م. ومات في مدينة لريسه اليونانية وله من العمر تسعون سنة. فكان يقال في أسبابه أنه ينجم من النزلة التي تنحدر إلى الصدر ومن انبثاق الأوردة ومن الخراجات الكائنة في الصدر ومن الجناب المتقيح الذي انفتح في الرئة ولم يذكر أبقراط شيئاً عن العدوى ولعل السبب في إهماله لهذا الأمر شيوع الاعتقاد بعدواه غير أننا متى عرفنا أنا لطب الهنود أثراً في الطب اليوناني وان الهنود كانوا يتجنبون المسلول كالمجذوم فهمنا أن العدوى كانت أمراً مسلماً به عند اليونانيين.
أما الوراثة فقد جاء ذكرها جلياً فقد ورد ما نصه (المسلول يولد من المسلول) وأن هذا الداء يختار البلغميين البيض وأنه كثير الشيوع بين السنوات الرابعة عشرة والخامسة والثلاثين من العمر وأنه يبدأ بنوافض خفية وسعال جاف وناخس في الصدر والظهر وأن السعال يشتد بعدئذٍ وتبدأ التفلات وتزداد.
وكان يطن أبقراط أن نفث الدم وقياءه سبب المرض وليس عرضاً له. ثم إن المرض يستفحل والجسم جميعه يهزل، أما الساقان فتتورمان وهذا دليل واضح على أن اليونانيين عرفوا الدنف السلي ووصفوه أما أظفار القدمين واليدين فنقف ثم إن الهزال يزداد في ناحية العنق والكتفين ويعود التنفس صغيراً كما لو نفخ في أنبوب ينطفئ الصوت ويشتد الوهن بتناثر الشعر ويبدو الإسهال ويقف التقشع ويموت المريض إنذار السل بحسب أبقراط وخيم جداً غير أنه إذا عولج في بدايته يشفي وقد ذكر في قانون أبقراط السلام العظمي والفصلي ولاسيما ما نسميه اليوم داء بوت فقد جاء فيه ذكر خراجات في الورك والعانة مرافقة لحدبات الطهرية وورد فيه أيضاً ذكر داء بوت العنقيفي المرضى المصابة رئاتهم بعقيدات قاسية صلبةوذكر فيه أيضاً خلع الفصل الحر قفي الفخذي من خراجات ونوا سير. لا عجب فأننا لا نزال نرى حتى اليوم في هذا القرن العشرين الذي بلغ فيه لطب أسمى درجاته، بعض المرضى بالورك وقد أهملت معالجتهم فأفضى مرضهم إلى الخلع المرضى فلا غرابة إذا ذكر أبقراط في عصره ذلك الخلع المنوسر.