للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صفحة من تاريخ أعراب شمالي الشام]

تابع لما قبل

للأستاذ وصفي زكريا

ذكرت في العدد الماضي أن أمراء قبيلة الموالي الحاضرين في زمننا والمعروفين بأولاد أبي ريشة منحدرون من عيسى بن مهنا الفضلي الربيعي الطائي. وسأذكر الآن أدلتي على ذلك مبتدئاً بأصول آل عيسى ونازلاً نحو فروعهم مع بيان أحسابهم وقصص أحداثهم وحالات معاشهم ورفههم وأساليب الإدارة التي كانت تنفذ فيهم في دول الأيوبيين والمماليك والعثمانيين، مستنداً إلى أوثق المصادر التي أتيح لي الوصول إليها، خدمة لهذه الناحية الغامضة من تاريخ الشام ودرءً لزعم أولئك الأمراء من أنهم عباسيون من أعقاب شقير بن هارون الرشيد وأنهم وانهم. إلى آخر ما سوف أرويه وأفنده، خصوصاً وأن في انتسابهم إلى عيسى بن مهنا وأعقابه الذين كانوا ملوك البادية وساداتها شرفاً منيفاً يغنيهم عن ذلك الزعم السخيف.

ذكر القلقشندي في صبح الأعشى (ج١) ما خلاصته: إن العرب العرباء هم بنو قحطان، وإن من يعرب بن قحطان قبيلة كهلان بن سبأ الذين أخذوا الرياسة على العرب بالبادية بعد تقاصر ملك حمير، ومن أحياء بني كهلان طيء أخذاً من الطاءة وهي الأبغال في المرعى. وهم بنو طيء بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن أزد بن كهلان والنسبة إليهم طائي وإليهم ينسب حاتم الطائي المشهور بالكرم وأبو تمام الطائي الشاعر المشهور. قال ابن خلدون في العبر: وكانت منازلهم باليمن فخرجوا منها على أثر خروج الأزد عند تفرقهم بسيل العرم فنزلوا بنجد والحجاز على القرب من بني أسد ثم غلبوا بني أسد على جبلي أجا وسلمى من بلاد نجد فنزلوهما فعرفا بجبلي طيء إلى الآن ثم افترقوا في أول الإسلام زمن الفتوحات في الأقطار، ومنهم أمم كثيرة ملأوا السهل والجبل حجازاً وشاماً وعراقاً وهم أصحاب الدولة في العرب لهذا العهد (القرن التاسع) في العراق والشام ومصر. ومنهم بنو هناء بن عمروا وابن الغوث بن طيء. وكانت الرياسة على طيء في الجاهلية لبني هناء ومن ولده إياس بن قبيصة الذي أدال به كسرى ابرويز النعمان بن المنذر حين قتله وانزل طياً بالحيرة مكان لخم قوم النعمان وولى على العرب منهم إياساً هذا فكانت له

<<  <  ج: ص:  >  >>