ولد شوقي في مصر، فسكبت الشمس في صدره شعاعاً حاراً ينضج الفكرة في غير عناء وصبر، وأوحى إليه الهلال الذي يداعب كرمة=ابن هاني في ليالي القاهرة، الساحرة، أغاريد الحب، ولقنته الأهرام الحكمة، وعلمته الفراعنة الكبرياء، فشوقي - إذن - صنع مصر وصورتها!
ولكن شوقي ليس مفخرة مصر وحدها، بل مفخرة العرب، في مشرق الأرض ومغربها، ذلك لأن نور مصر وأهرامها وفراعنتها وبدورها، ليست إلا خطوطاً فنية ألف شوقي ألوانها ورسم خطوطها على أسلوب المعلم الأكبر، (عبقرية العرب)، فكل رجل ينتمي إلى هذا المعلم بسبب يجد في شوقي صديقاً أو بكلمة أبرع يجد نفسه وشوقي من مدرسة واحدة، ويتذوقه، لأنه يتفهمه!
لم يكن شوقي الشاعر العاشق اليائس، ولا الجمال العميق، بل كان كاتباً بليغاً ينظم نثره، وشاعراً وطنياً يزود الرجال بحكمة يرددونها، وأنة يصعدونها، وغضبة يهددون بها العدو العنيد، فهو من هذه الناحية وأرث الشعراء الإلى يفاخرون بعشائرهم وتفاخر العشائر بهم ويسير نظميهم في المضارب.
ثم هو شاعر الأمراء، ولكنه لم يكن يجهل أنه هو كذلك أمير، فلم تكن نفسه تنزل من التواضع إلى الضعة، وكان يشفق على قصائده أن تضيع في المديح فيشحنها بالحكم، وهو، على جده وجلاله، لا تخلو مدائحه من دعابات مقصودة أو غير مقصودة.
٠٠ واتركي فضل زماميه لنا ... نتناوب نحن والروح الأمين
إلى آخر القصيدة! فشوقي يداعب الأمراء ولا يغرب في ذلك. . .
لأن من شعراء الهند من يداعب الآلهة، (كأن الآلهة تحب المداعبة) فلماذا لا يداعب العربي أمراءه وهم دون الآلهة منزلة؟ يقول طاغور إن جدياً شكا إلى (براهما) ذات يوم أن