وهناء الصبى، وتدلك غبرة من الكآبة انتشرت على وجوههم أن ليس في قرارة نفوسهم شيء من حقيقة الهناء والفرح.
ويكاد المقصف لا يخلو في كل ليلة من فئة الرجال تجمعهم إلى بعضهم على مائدة واحدة وحدة الأذواق وغرابة الطبع، وهم لا يقصفون ولا يرقصون بل يجدون العزاء لأنفسهم عن ذلك باهتمامهم بكل شأن من شؤون سواهم من اللاهيين أمامهم فيعدون على كل منهم خطواته وحركاته ويأخذون عليه لهوة وقصفه، وكثيراً ما يختلفون في حكمهم ويطول بهم الجدل فيلجأون إلى ورقة ينشرونها بينهم يقيدون فيها دخل الرجل الذي ينقدونه ومكسبه الشهري أو السنوي وما يحتاجه من المال في ملبسه ومعاشه وإعالة ذويه، وكثيراً ما يستنتجون مؤيدين رأيهم بالأرقام أن الرجل أمسى وهو لا يملك سوى ما ينفقه في هذه الليلة أو أن مصيره الإفلاس والخراب بعد شهور أو أيام معدودات.
ويحين موعد الانصراف من المقصف والساعة تدق الثانية بعد منتصف الليل. . . ٠