اختلف كلمة الباحثين من الشرقيين والمستشرقين في منشأ التصوف وتكامل علمه فذهب أنصاره إلى كونه مقتبسا من نور الهدى النبوي وسيرة الصحابة والسلف الصالح، ومال خصوم التصوف البدعي لا الشرعي كشيخ الإسلام ابن تيمية وإتباع مدرسته السلفية إلى تأثره بالنصرانية ومناسك الرهبانية فقد جاء في رسالته الفرقان مانصه: إن الصوفية ونحوهم إلى النصارى اقرب فان النصارى عندهم عبادة وزهد وأخلاق بلا معرفة ولا بصيرة والإسلام بعيد عن الرهبانية وتعذيب البدن واتخاذ الأربطة الشبيه بانفراد الرهبان في الأديرة، والزهد الكلي الذي يخرج به المرء عن الملك الكلي والانقطاع عن الاستمتاع، وعن الزينة التي لم يحرمها الله، وفي الكتاب المبين: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وأي تعظيم لقدر المال اكبر من جعله قواما لمعيشة الإنسان، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد: لان تترك ورثتك أغنياء خير لك من أن تتركهم عالة يثكففون الناس وقال: ما نفعني مال كمال أبي بكر وقال أيضا لعمرو بن العاص: نعم المال الصالح للرجل الصالح، وكان النبي العربي (ص) باتفاق المسلمين ازهد البشر وقد ادخر قوت سنة لعياله، كان علي بن أبي طالب والزبير وعبد الرحمن بن عوف وعثمان من الزهاد على كثرة أموالهم، وأبو الفرج ابن الجوزي ممن حمل على جهلة المتصوفة في كتابه تلبيس إبليس ونقد مسالكهم وبدع مناسكهم، وأشار إلى أن بعض عاداتهم وآرائهم هو مقتبس من الرهبانية وبعضها ملتمس من العقائد الهندية، وكفر الاشاعرة شيخ الحلمانية أبا حلمان الفارسي الحلبي المعدود من شيوخ الصوفية وطريقته حلولية كالطريقة الحلاجية القائلة بحلول اللاهوت في الناسوت وقد كفر الحلاج لهذه المقالة كثير من الفقهاء والمتكلمين والحكماء والصوفية، وذهب ابن خلدون في مقدمته إلى إن الصوفية نظام الأقطاب من نظام النقباء عند الشيعة، وإلى أنهم خالطوا الإسماعيلية الرافضة فاخذوا عنهم الحلول، ولم تدخل دسائس الباطنية على المسلمين ومنهم هؤلاء الإسماعيلية، إلا من بابي التشيع والتصوف، والباطنية هم الذين جاؤا بالباطن والظاهر (ويغلب على الظن إن أخوان الصفا كانوا من الإسماعيلية وقد توفقوا برسائلهم المشهورة لدس كثير من الفلسفة الإغريقية والحكمة الهندية