للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب والصحف]

سلمان الفارسي

لو لم يكن الأستاذ لويس ماسينيون من أساتذتنا الذين يمكننا. إن شئنا التفاخر أن نفاخر بهم، ومن العلماء الذين نعتز إذا عددنا أنفسنا بين أصدقائهم ومريديهم، لما اجمعنا على القول بأننا لا نعرف بين مستشرقي هذا العصر وعلماء العلوم الاجتماعية فيه من هو أغزر مادة وأدق بحثاً وأقدر على تتبع الموضوعات العلمية واستقصاء أصولها وجمع مصادرها ومساندها من الأستاذ ماسينيون ضيف عاصمة الأمويين في الشهر الغابر. ولعل نظرة بلقبها الباحث المنصف في أي كتاب من كتب هذا العلامة الكبير ليقابل ويقايس مع أحدث ما يخرجه علماء هذا العصر من مؤلفات تكفي لأن تجعله يرى هذا الرأي ويعتقد العقيدة نفسها.

قد يختلف العلماء وتتضارب مذاهبهم وتتباين ولكن هنالك أصولاً واحدة في الاستقصاء والاستقراء والتتبع وجمع المساند يكاد الاتفاق يتم عليها وهي أساس كل الأبحاث والعلوم في هذا العصر وهي وحدها مقياس التفاضل إذا اختلفت الآراء والمذاهب على أن الوصول للبراعة في هذه الأساليب والتجويد في عملها ليس بالمطلب السهل فإنه يحتاج، عدا غزارة العلم، لعبقرية فائقة ومقدرة وجلد وثبات وغير ذلك من المزايا التي قل أن تجدها مجموعة إلا في هؤلاء العلماء الأفذاذ. ولعل أوضح مثال نقدمه على هذه الأصول لندل عليها، هذا الكتاب الصغير الجديد الذي وضعه في هذه السنة الأستاذ المستشرق لويس ماسينيون عن الصحابي الكريم سلمان الفارسي رضي الله عنه. وهو كراس يقع في اثنين وخمسين صفحة من القطع العادي وقد تجد فيه، رغم قلة صفحاته، من الأبحاث الممتعة والمساند والمصادر والوثائق القديمة والجديدة ما تضيق به المجلدات الضخمة وكلها مرتبة بطريقة واضحة تغري بالتتبع وتشوق على التعمق والرجوع إلى الأدلة والحجج في مظان وجودها وإن في ذلك كله من براعة الأسلوب وغزارة العلم ما يعرفه جميع من عرفوا مباحث مستشرقنا الكبير وألفوا طريقته في الاستقصاء والتعمق والتحقيق.

بحث المؤلف في مقدمة الكتاب عن (المدائن) التي توفي فيها الصحابي الكريم سلمان الفارسي رضي الله عنه وعن الكوفة وعن الأصول التي يجب أتباعها في درس سلمان

<<  <  ج: ص:  >  >>