للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التربية الفرنسية والثقافة العربية]

للأستاذ غابريل بونور

تتمة

تعريب الدكتور كامل نصري

أذاعت البعثة الأمريكية، التي انتدبتها جامعة كولومبيا برئاسة الأستاذ مونرو لدرس مناهج التربية العامة في العراق ونقدها وإعداد خطط لإصلاحها، نتيجة تتبعها واستقصائها سنة ١٩٢٢. فجاء هذا التقرير شديد اللهجة نحو أصول التربية الفرنسية. أبان واضعه آثار النفوذ الفرنسي التي ظلت مسيطرة على التعليم الرسمي العراقي، مبدياً أسفه وملاحظاً أنه تراث النظام المدرسي العثماني. قال البروفسور مونرو: إن جميع وصايانا مستوحاة من أساليب التربية الآنغلو ساكسونية التي تسلك طريقاً أكثر حرية وأكثر خدمة لنماء الشخصية، بخلاف قواعد التربية اللاتينية التي تنهج منهج الشدة والتقيد بالظواهر. وفي موضع آخر نقد برنامج التدريس الابتدائي والأولي الذي هو أكثر شبهاً ببرامج أوروبة الغريبة منه بالبرامج الأكثر حرية والأقل شروطاً المستعملة في جهات كثيرة من الدول المتحدة الأمريكية وفي روسية السوفيتية وفي بعض أنحاء ألمانية والنمسة

وقد ورد الجواب على هذا النقد فوراً من قبل مرب ذي مواهب فائقة ومقام سام ليس في العراق فحسب، بل في سورية أيضاً، حيث خلف لفيفاً من معاونين قدماء وتلاميذ أنصار، وهو ساطع بك الحصري مدير معارف العراق الأسبق الذي دافع عن صنيعه باثنتي عشرة رسالة، كان لها دوي عظيم في الأوساط التربوية السورية. وبها طرحت في دمشق قضية غايات التربية ومناهجها على بساط البحث، في زمن كان يعني فيه بإدخال إصلاحات هامة على التنظيمات المدرسية.

إن روح التربية الفرنسية العقلية السائدة في تعليمنا التقليدي ذات صلة وثيقة بجوهر الثقافة والذهنية العربيتين، فلا يسوغ أن تعتبر في الشرق غير ملائمة وغير مثمرة: وفي الحقيقة يرى فيها الشرقيون روحاً تنطبق على روح عرقهم. إذ أن إيمان الفرنسيين الراسخ بلغتهم التي هي ثروة الفكر والجمال، وثقتهم بالنصوص الممتازة المقروءة جيداً والمحللة جيداً، يعرب عن كافة الأصول وعن مستقبل مصير الحياة الفرنسية وعن الخصائص

<<  <  ج: ص:  >  >>