استفدت كثيرا من النبذة المعنوية ب (تن) المنشورة في مجلة المجمع العلمي
(٥٧: ١٣) وفي أثناء وقوفي عليها بدت لي بعض نظرات أودعها هنا لعلها تقدح شررا يساعد على الاستزادة من الحقيقة.
١. التن - الطن
وأول شيء يتبين لي من خلال الاجتهاد، أن لـ (تن) مقابلا في العربية عرف منذ القديم هو (الطن). قال في التاج: الطن بالضم، القامة. وقال ابن الأعرابي: ومنه قولهم: فلان لا يقوم بطن نفسه فكيف بغيره؟ وقال ابن دريد: هو قول العامة، ولا احسبها عربية صحيحة آه - قلنا: ليس ذلك من كلام العامة في شيء، بل من الألفاظ التي وردت في عدة لغات معا، أي من متفق اللغات فهو بالفارسية (تن) وبالزندية (تنو) وبالهندية القديمة (تن) وبالارمية (طان) وبالتركية القديمة (تن). ومن الطن قالت العرب: الطني أي الرجل الجسيم، ولم ينكر فصاحتها وصحتها ابن دريد نفسه. فأنت ترى من كل هذا أن المادة شائعة في جميع اللغات.
ثم إن العرب زادت في أوله الباء فقالت: البطن، وهو القسم الأعظم من الإنسان والباء الأول تدل على المائية أو على سائل. فقولك (البطن) كقولك العضو الأعظم في الإنسان الذي فيه تجري السوائل وهو منبعها كالمرة والصفراء والدم ومقر الأطعمة والاشربة إلى نحوها. ثم أرادوا أن يتوسعوا في المعنى ويطلقوا لفظا على مجموع الأعضاء كلها، فغيروا شيئا في لفظه (البطن) حرفا وشكلا فقالوا (البدن)، فجاءت بمعنى الجسم كله ولهذا لا يحق لنا أن نقول أن (البطن) من كلام العامة، ولا نقول إنها من الفارسية إذ هي أيضا في سائر اللغات كما رأيت.
ومما يدل على أن (الطن) قديم في لغتنا أن الناطقين بها ادخلوه في تراكيب ألفاظهم ومنه: (طنثر) الرجل: أكل الدسم حتى تثقل جسمه وقد (تطنثر)
وقلبوا طنثر فقالوا (نطثر) ومنه (النطثرة) وهي أكل الدسم حتى يثقل على القلب أو حتى يثقل جسمه. ولا جرم أن الكلمة منحوتة من (الطن) بمعنى الجسم و (الثر) الذي هو