للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المرأة والأدب]

للآنسة وداد سكاكيني

عفا الله عن أبي العلاء المعري حين قال:

فحمل مغازل النسوان أولى ... بهن من اليراع مقلمات

وليسامحه الله على قوله:

إن نشأت بنتك في نعمة ... فألزمنها البيت والمغزلا

فقد شاءت طبيعته المتشائمة أن لا يكون للمرأة من المثل العليا إلا هذه الصورة الوضيعة التي يرسمها في مطاوي لزومياته الخالدة، وهي التقلب على فراش النعمة والانصراف إلى تدبير المنزل وشغل فراغ وقتها في حمل المغزل لكي لا تبقى لديها فرصة للتفكير فيما عدا ذلك من قضايا الحياة التي لا بد أن تلمع في ذهنها وتقع في خلدها.

والواقع أن المعري كان شديد الحذر م الناس لا يتعفف عن إساءة الظن بأحد منهم، ونحن نعلم أن ظنونه السيئة كانت نتيجة تلك الطبيعة المتشائمة التي استبدت بعقله الكبير فجعلته قاسياً في نقمته على الحياة ينظر إليها بعين السخر والوجل فيراها مليئة بالبؤس والغناء وتطغى في نفسه موجة السخط عليها فينطلق لسانه الذرب بذمها وهجائها والتنديد بزخرفها الباطل، وينكر على الناس تدافعهم للارتماء في بركانها النائر فبوسعهم نقداً وتقريعاً وتهكماً ثم تأخذه الرأفة بهم فيبكيهم في حنو وإشفاق:

تعب كلها الحياة فما ... أعجب إلا من راغب في ازدياد

كان يرى الحياة بحراً من الدموع تطفو على سطحه سفائن التعس والعذاب وألواح الهم والشقاء وأن الناس ينطوون على قلوب مريضة تزخر بالخبث والطمع والرياء فلا صديق يخلص إليك سراً وعلانية ولا حبيب ينهالك عليك إلا ليقضي حاجة له، بل الناس عنده سواسية لا يفضل بعضهم بعضاً فكل منهم يسعى لنفسه ويحاول جر الماء إلى غرسه ولو أدى ذلك

كان يرى الحياة بحراً من الدموع تطفو على سطحه سفائن التعس والعذاب وألواح الهم والشقاء وأن الناس ينطوون على قلوب مريضة تزخر بالخبث والطمع والرياء فلا صديق يخلص إليك سراً وعلانية ولا حبيب يتهالك عليك إلا ليقضي حاجة له، بل الناس عنده

<<  <  ج: ص:  >  >>