إن الوصف العارف يميز بين الوصف والقصص فلا يكاد يجمع بينهما في عنوان واحد إذ لكل منهما عنوان خاص هو به أليق، وبحقيقته أشبه، فإذا أراد أن يصف حريقاً حدث في الحي، أو فرحاً مباغتاً بعد ترح لم يعنون ما صوره من هاتين الحادثتين بقوله: وصف الحريق، أو وصف الفرح، بل يعنونهما بقصة الحريق أو حكايته وحكاية الفرح بعد الترح مثلاً، ذلك لأن الوصف الدقيق غير مرادف للقصص، وقد قال تاين النقادة الكبير فيما كتبه على أمثال لافونتاين:
الوصف شبيه بالقصص، وإنما الفرق الوحيد بينهما أن القصص تتوإلى فيه التفاصيل بحسب توالي صفحات الحادثة، وفي الوصف تكون هذه التفاصيل مجتمعة.
وقد يقال: ليس في الوصف عمل معين لأن ترتيب أجزائه اختياري، والأمر بعكسه في القصص الذي لا بد أن يكون العمل فيه معيناً محدوداً، ويراد بهذا العمل تتابع وقائع الحادثة وتوالي أجزائها توالياً ليس للاختيار يد في ترتيبه: إذ لها فاتحة وواسطة وخاتمة تتعاقب تعاقبها في الروايات التمثيلية، والأمثلة التالية تبين الفرق واضحاً بين الوصف والقصة:
قصة الزلزال ... وصف مدينة خربها الزلزال
قصة نزهة في الغوطة ... وصف الغوطة أيام الربي - ع
قصة العيد في دمشق ... وصف دمشق في العي - د
وخلاصة القول انه ينبغي لنا أن لا نخلط بين الوصف والقصص وإن نعلم مما ضربناه من الأمثلة أن الوصف لا يشتمل على حادثة، وإنه لا بد في الحكاية منها، وإنك في الوصف على خطتك حاكم وفي القصة أنت لها محكوم.
بيد أن القصة قد تشتمل على حوادث تتعلق بالوصف كما أن الوصف قد يشتمل على حادثة صغيرة تضيع في موضوع الوصف ولا تخرجه عن كنهه لكنهما في الجملة متباينان. فالأفضل أن يخلط بينهما بالنظر إلى الخطة وإلى الشرح والبيان.
اعتماد الوصف على المشاهدة
إن سكان البادية هم في الغالب أوصف من قطان الحاضرة فيما يحتاج إلى الاستعانة بالتحديق، وإلى معاودة المشاهدة التي تقف بصاحبها على جميع مميزات الموصوف