قام في الأستانة مؤخراً عالم فهَّامة وأديب كبير له شهرته الواسعة في البلاد التركية (١) ووضع مؤلفاً يبحث فيه ع استحالة ترجمة القرآن الكريم إلى التركية، عاملاً على إثبات ذلك بأدلة علمية قوية حيث تفضل واطلعنا على بعضها لسابق صلة أدبية وطيدة تجمعنا به وترجع إلى عهد الدراسة في الأستانة ثم إلى عهد الزمالة في الصحافة فرأينا أن نلخص بعض آرائه القيمة في هذه العجالة الصغيرة قال لا فض فوه:
ليست المصيبة في أننا نريد أن نترجم القرآن إلى اللغة التركية وحسب بل إننا نريد أن نرسم هذه الترجمة أيضاً بالحروف اللاتينية. فتصور بعد ذلك أن مصحفنا الشريف، أو كتابنا الديني نحن معاشر الأتراك سوف يُقضى بين عشية وضحاها على فصاحته اللاهوتية وينقلب إلى لغة أعجمية ذات أصداء ونبرات حادة سوف تكون على ما يقولون خالية من كل لفظ عربي يؤتى بها من أفواه الرعاة وقبائل التركمان الجبلية السارحة في بطاح آسيا. ثم يكتب بحروف قتلت برطانتها جمال اللهجة التركية القحة نفسه، وفوق هذا كله سوف نبعد بكتابنا هذا (القرآن) الجديد عن معاني القرآن الحقيقي كبعد الأناضول عن مكة. .
وقال في مكان آخر:
إنني أهب نصف ثروتي لمن يستطيع من بين علماء اللغة التركية الأفذاذ ممن يتقن اللغة العربية أيضاً (وهؤلاء ليس لهم أثر البتة في تركيا) أقول بأنني أهب نصف ثروتي لمن يستطيع من هؤلاء ترجمة قوله تعالى (لا يلاف قريش إيلافهم. .)
أو قوله (متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان) أو قوله (والعصر. . . وكهيعسص وحمعسق و. . . . إلى ما هنالك من رموز ومعاني كلها إعجاز. فإذا قال لنا هؤلاء العلماء الأتراك أنه لا بد من ترك الكلمات التي تشير الرموز على ما هي عليه لبقينا نحن الأتراك على جهل من الغاية التي توخاها القرآن من ذلك وإن أرادوا معناها والعرب أنفسهم لم يستطيعوا ذلك (كذا) أنا أفهم أن تقوم الحكومة التركية وتعمل على ترجمة القرآن بحواشي توضع على الهوامش بجانب الآيات، فإذا أراد التركي أن يقرأها بالعربية تيسر له ذلك أو في التركية رجع إلى الحاشية أو الهامش بنفس الصحيفة ذاتها