لا أدري إذا كنا نتوخى العلم من وراء ترجمة القرآن، أم النزول على النعرة الجنسية التي أخذت تبعدنا عن أقرب الأمم إلينا وهم إخواننا العرب. فإن كانت الغاية من هذه الترجمة علمية فهل من العلم ثمة في شيء يا ترى أن نرجع في ترجمة كتاب عظيم الشأن مثل القرآن يعجز عن أدراك معانيه فطاحل علماء العرب أنفسهم إلى مترجمين من الأتراك لا يعرفون من العربية إلا بقدر ما تعمنا نحن من اللغة الصينية؟ ألا نسعى على الأقل إلى إيجاد من يعرف لغتنا من علماء العرب ونكلفهم القيام بالاشتراك مع علماء الترك إلى وضع هذه الترجمة إن كان ثمة لا بد منها كما فعل علماء الانكليز على الأقل (وليست لهم بالقرآن صلة دينية مباشرة) حيث رجعوا إلى أكابر علماء اللغة العربية في وضع هذه الترجمة، ومع ذلك جاءت في النتيجة بتراء طمساء لا تعرب عن صحة آياته ومعانيه كما اتفق ذلك أكثر مستشرقي الإنكليز أنفسهم. وإن كانت الغاية ترمي من وراء هذه الترجمة إلى غرض قائم على روح التعصب الجنسي أو القومي، فنكون قد ارتكبنا إثم التضليل للعنصر التركي القوي الإيمان بدينه. لأنه خير للأتراك أن يقرؤوا القرآن العربي ولا يفهمون معانيه من أن يقرؤوا قرآناً نفهم منه غير ما أراد الله منزله، ومن ثم من يضمن لنا بأن لا تتسرب عوامل التشويه إلى هذا القرآن التركي في كل سنة أو كل عصر مثلاً فتدخل عليه الأساليب الإنشائية المنمقة بدعوى تحسين ألفاظه وتهذيب كلامه فتختلف المعاني ويختبط الآيات بعضها ببعض حتى إذا مرت أعقاب قليلة رأينا بين هذا القرآن المترجم وقرآننا العربي الأصلي هوات سحيقة من المعاني والأغراض الدينية التشريعية وسواها تدخلنا في مذهب ابتداعي جديد يبعدنا عن الإسلامية الحقة ونحن لا ندري!!
طه المدور
البطل الخالد والشاعر الخالد
خطبتان في مجلدة لطيفة للأديب الكبير الأستاذ محمد أسعاف النشاشيبي الأولى خطبها في حيفا يوم ذكرى واقعة حطين التي ظهر بها السلطان صلاح الدين على الصليبيين والثانية تليت في بيت المقدس ونابلس وحيفا في ذكرى الأربعين التي عقدت لتأبين شاعر العصر أحمد شوقي أهداهما المؤلف إلى روح عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبي الطيب