للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:

به النفس أثناء تفهمها للأشياء.

إن النفس تهتز للأشياء فتستيقظ، ثم تصغي، ثم ترى، ثم تفهم وأخيراً تتكلم. وإذا تكلمت رددت أشياء لم تتعلمها من التأمل والدراسة. وإذا وصفت ما تشعر به من الحزن والأسى كان هذا الوصف مفعماً بالألوان والروعة والأسرار.

مدام كوري

كانت مدام كوري بالرغم من حبها للسكون ميالة إلى الرياضة. فقد كانت تسوق سيارتها بنفسها حتى هذه السنوات الخيرة وتتمرن على السباحة حينما تجد إلى ذلك سبيلاً. وقد ذكر لنا كثيرون أنها كانت في الحرب العمة تسوق السيارات الطبية وتأتي بها إلى الجبهة. وقد أسست مصلحة للراديوم وكان التداوي على طريقتها نافعاً جداً ثم أنها كانت ماهرةً جداً في الأعمال اليدوية حتى لقد صنعت مع زوجها (بيير كوري) بعض الآلات التي لا يمكنها شراؤها، وصنعت بعد ذلك عدداً وافراً من الآلات التي يحتاج إلى دقة ومهارة يدوية.

كانت مدام كوري كريمة النفس. تعطف على الفقراء وتواسي المساكين. ومما حكي عنها أنها كانت تحب خياطة بولونية مقيمة في حي (سين سولبيس) بباريس فكانت تزورها وتطلب منها أن تصنع لها ثيابها بالرغم من ضعة منزلتها. حتى لقد رضيت بأن تكون عرابة لحد أولادها فأهدتها سريراً جميلاً فحفظته الخياطة زماناً طويلاً ولما تزوجت ابنة مدام كوري وولدت ولداً جاء زوج الخياطة وأهداها السرير الذي كانت مدام كوري قد أهدته لزوجته، ولكن بعد أن زينه فقبلته مدام كوري شاكرة.

كان لمدام كوري في (برتياني) بيت صغير تذهب إليه في أيام الراحة ثم اشترت في (برونوا) منزلاً آخر كانت تقطنه مع ابنتها بعد زواجها. غير أنها لم تشأ بعد وفاة زوجها (بيير كوري) أن تعود إلى ذلك المنزل. فتركته لبعض العمال الفقراء ليستفيدوا منه في أدوار النقاهة أو في حالات المرض.

<<  <  ج: ص: