من التجارب القديمة المعروفة أن كثيرا من السموم، إذا اخذ منها كميات صغيرة، تصبح دواء شافيا. وقد حاول الأطباء منذ العصور الأولى التحقق من ذلك بتجربة السموم على أنفسهم.
وإذ كان الملوك قديما يخافون دائما من خطر التسمم فقد كانوا يطلبون من الأطباء في قصورهم أن يخترعوا سموما مضادة يجربونها بأنفسهم فيتناولون كمية لا يستهان بها من السموم ليبرهنوا على إمكان حصول المناعة.
وقد كان الملك (ميتريداتيس) يأمر بإجراء مثل هذه التجارب الخطرة على غيره ليتوصل إلى معرفة أنواع الترياق التي يصون بها نفسه. وهذا الترياق المعروف باسم (ميتريدات) ظل حتى القرن الثامن عشر يستخدم ضد سموم الأفاعي ويقال إنه يحتوي على دم إوز جربن فيها السموم واكتسبت المناعة وبما أن بعض السموم لا يمكن فحصها إلا في الإنسان فقد كانوا يستخدمون الأسرى والمجرمين والمحكوم عليهم بالإعدام ليقوموا غير مختارين، بمهمة (شهداء الطب). وكثيرا ما كانوا في مثل هذه الحالات الخطرة يجربون سموما شديدة الفعل ودون اتخاذ شيء من التدابير الاحتياطية ولذلك فان عاقبة هؤلاء المساكين كانت دائما الموت بالسم عوضا عن المشنقة أو السيف
وكذلك كانوا يستخدمون المجرمين للقيام بالتجاريب الجراحية الخطرة، فانه في سنة ١٧٣١ قاموا بعملية إزالة الغشاء الطبلي من أذن احد المحكوم عليهم بالإعدام
لمعرفة فيما إذا كانت ذلك يسبب الصم أم لا. وبهذه التجربة، التي كان خطرها محدودا بالنسبة، تخلص هذا المجرم من الموت.
ولم يرض لويس الرابع عشر، الذي كان يشكو من مرض في أمعائه، أن يقوم الأطباء بعملية جراحية له إلا بعد تجربة هذه العملية نفسها في عدة مجرمين ونجاحها فيهم نجاحا تاما.
وفي العصور المتأخرة التي لا تسمح بمثل هذا التعدي على أرواح البشر قد اضطر الأطباء للقيام بكثير من التجارب على أنفسهم رغم علمهم بأن العاقبة ستكون وخيمة عليهم في