سواسية لا يفضل بعضهم بعضاً فكل منهم يسعى لنفسه ويحاول جر الماء إلى غرسه ولو أدى ذلك إلى إنزال المصائب بالآخرين فيحذرك م الانخداع بمظاهر صداقتهم صائحاً بك:
فظن بسائر الإخوان شراً ... ولا تأمن على سر فؤادا
وكان طبيعياً وقد امتدت نقمته إلى كل شيء وتناول الدين والدنيا بسخره الممزوج بالشك - أن يصيب المرأة رشاش من تلك النقمة والسخرية فيود أن يحجز عابها في البيت حيث تعمل في مغزلها ويهيب بالرجل أن يباعد بينها وبين القراءة والكتابة.
علموهن النسيج والغزل والر ... دن وخلوا قراءة وكتابة
فصلاة الفتاة بالحمد والإخ - لاص تجزي عن يونس وبراءة
ويظهر لنا من كلامه أن كان يعتقد أن تعليم المرأة مدعاة لفسادها وضلالها وأنه شر يجدر بالرجل أن يتقيه قبل نزوله، وإذا كان لا بد من وقوع هذا الشر فيتول مهمة تعليمها أما شيخ فإن وأما عجوز بالية
ليأخذن التلاوة من عجوز ... من اللائي فغرن مهمات
ولا يدنين من رجال ضرير ... يعلمهن آياً محكمات
سوى من كان مرتعشاً يداه ... ولمته من المنثغمات
إذن فدق بلغ منه سوء الظن أنه لم يكن يعتقد العفة بأحد من الناس ولذلك نراه يدعو إلى منع الغلام اليافع من الدخول على النساء
إذا بلغ الوليد لديك عشرا ... فلا يدخل على الحرم الوليد
وقد لا نفتري على الحقيقة إذا قلنا أن المعري من الشعراء الخالدين الذين تركوا في آثارهم صوراً نواطق بحوادث عصورهم وأحوال بلادهم وأخلاق أمنهم فقد عاش في عصر كان يزخر بألوان الرفه والترف وإحداث التفازع ولا أراني بحاجة لأن أحدثك عن حياة البذخ والترف في بغداد أيام الرشيد وفي عهد من جاء بعده من الخلفاء لأنك عليم بذلك وتعرف أن اختلاط الغارب بالأعاجم وتمازجهم ذلك التماذج الشديد قد أحدث الفوضى في أخلاق الناس وآدابهم العامة، فتسرب شيء غير قليل من الوهن والاستهتار إلى أخلاق النساء حمل بعضهن على خلع العذار، ولا مراء في أن أخبار هذه الفئة الماجنة قد وصلت إلى أبي العلاء وهو في محبسه ووقف بنفسه على بعضها في رحلته إلى عاصمة العباسيين