التناقض والاختلاف بين الوضع الاجتماعي وبين الأفكار السائدة فأن الوضع الاجتماعي العام خاضع لسير الرأسمالية بينما المبادئ الفكرية والأخلاقية المتوارثة عن الأوضاع الاجتماعية القديمة ليس لها أي تأثير في النظام الرأسمالي.
ولآن لنتقدم خطوة أخرى إلى الأمام ولنتساءل لماذا هذا الاختلاف والتناقض بين الوضع الاجتماعي وبين المبادئ الأخلاقية؟
يجيب (روميه) على ذلك بأن ليس واحدة من الطريقتين السائدتين في التربية اليوم يمكنها القيام بحاجة الجماعات الحقيقية فأن أحداهما نفعية محضة تقتصر على تعليم الناشئة المعارف والقواعد التي تستطيع تأمين الحياة بها ضمن أية مهنة كانت فهي ليست تهذيبية البتة.
وتلقاء ذلك نرى التربية الأخرى التي تسمى مدرسية والتي ترمي إلى التهذيب ولكن عن طريق تنمية الذكاء والعقل تهمل العامل الحيوي في التربية والنتيجة هي اعتراف رجال الحكومة المنوط بهم أمر التربية المدرسية وإقرارهم بالعجز عن تفهم المعضلات الكبرى المالية والاقتصادية في عصرهم. ومن الأوهام الساذجة الاعتقاد بأنه يكفي أن يحصل أحد تجار القطن على الثروة أو أن يتعلم أحد الحقوقيين اللغة اللاتينية لتبقى المدينة سائرة في طريقها.
إنه مما يسر أن نرى رجلاً اقتصادياً، أخلاقياً مثل المسيو (لوسيان روميه) يؤيد بصورة غير مباشرة الأفكار التي ندافع عنها نحن رجال التربية والتي تتلخص في ضرورة التوفيق بين المنفعة والثقافة.
فأنه من اللازم، ولاشك، تعليم الجيل الحاضر الفضيلة والتفكير بصورة تلائم ليس أحواله الفردية فحسب بل الهيئة الاجتماعية التي يعيش فيها أيضاً.
أما أن ذلك سوف يؤدي إلى إنقاذ الرأسمالية أو إلى انهيارها فتلك مسألة لا طائل تحتها. لأن الشيء المهم هو إنقاذ المدينة. . .