والنمساويين الحديثين آراءهم في امرأة المستقبل. . .
يقول أميل لوقا، الكاتب المعروف بمباحثه الفنية وتحليله للحب: إن المثل الأعلى لعلاقة الجنسين ظل في أوروبا حتى أواخر القرن التاسع عشر يتمسك بمبدأ التضاد والتقابل أي أن المرأة والرجل كان ينظر إليهما كقطبين متناظرين يجذب احدهما الآخر لما فيهما من اختلاف في الطبيعة ولان كل واحد منهما يتمم ما في الآخر من نقص. ومنذ أول القرن العشرين تزعزع هذا المثل الأعلى واخذ يقوم مكانه مثل أعلى أخر معارض له مبني على فكرة التوازي والاتساق بين الجنسين.
أن هذا المثل الأعلى الجديد يبغض كل اختلاف وتضاد وتطرف ويتطلب في الجنسين الصفات المتشابهة، المشتركة المتقاربة: انه لا يحفل بغرائز الأنوثة أو الرجولة البارزة بل يميل إلى الصفات البشرية العامة الجامعة بين الرجل والمرأة وهذه الفكرة قد انتشرت بين الأمم الشمالية ولا تزال بعيدة عن البلاد الأوربية الجنوبية. ومن مظاهر هذه الفكرة انتشار الحب الجنسي. .
لقد تقارب الجنسان في مظهرهما الخارجي ولكن المثل الأعلى ليس هو أن تصبح المرأة مشابهة للرجل ومساوية له بل أن تقرب من الغلمان والشبان سواء في ظاهرها أو في شعورها الباطني. إن رغبة الرجل والمثل الأعلى الذي ينشده في صميمه ولو لم يصرح به هو إلا تكون المرأة مثله تماما بل أن تكون كمخلوق بين الشاب والغلام، بين الفتى والصبي أو بالأحرى كالأخ الأصغر: أكثر منه نضارة ورشاقة ونعومة ورقة ولطفا. . .
على أن هذا المثل الأعلى قد اخذ منذ الآن في التضاؤل والاضمحلال وبدأت حركة رد الفعل.
وتدل الظواهر على أننا في أوائل عهد جديد يجمع بين الفكرتين المختلفتين
ويبدع منهما فكرة جديدة أكثر سموا. فان المرأة الراقية ترفض اليوم أن تكون مشابهة ومساوية للرجل وهي لا تريد أن تصبح بشرا مطلقا لا جنس لها بل تريد أن تكون قبل كل شيء امرأة بكل معنى الكلمة.
امرأة تتصف بالأنوثة، ذلك هو المثل الأعلى الذي يتكلم عنه أميل لوقا ويطالب به جميع زملائه الكتاب الستة عشر.