إلى الصواب من عمله الأول. وهذا عبد الرحمن الهمذاني يقول في كتابه (الألفاظ الكتابية) في باب المناقد:
تقصيت على الرجل وحاصصته على الأمر محاصة وناقشته وصارفته وناقدته وحاسبته. قال بعض الأدباء: محاسبة الصديق على الأمور دفاءة وترك الحقوق للضنين غباوة إلى أخر ما يرى أكثره في كتب الخصائص وجملته في كتابنا ((الجحيم) لاحتفالنا بالنقد هناك توسعا وإشباعا وسدا لنهم محبي الاطلاع على مال لعرب في النقد
وجري بنا وقد نقلنا شيئاً من مادة النقد وما يريد منها العرب في كلامهم إن الثقافة ج١ - م ١١
الثقافة
نورد ما يرادفه على تقارب في المعنى واختلاف قليل في مواطن الاستعمال وفرق لا يأبه إليه إلا الكيس اللبق من أهل اللغة والكتاب والشعراء، غير ما ذكر عن عبد الرحمن الهمذاني: قال الزمخشري في أساس البلاغة: ومن المجاز نقرته وناقرته، عبته وغبته ورميته بناقرة ونواقر وبينها مناقرة أي مراجعة كلام ونقرت عن الخبر ونقرة عن الخبر ونقرت عنه بحثت وعبت وسهم ناقر أي صائب قال الشاعر:
رميت بلانواقر الصياب ... أعداءكم فنالهم ذنابي
ومثل هذه رذل الشيء جعله رذيلا ضد انتقاه وارذله مثله. تقول: ارذل فلان من غنمي وأصحابي كذا عددا عابه ورده ونقاه ولم يرضه وعلى هذا فلا بد لنا من القول بأن اللغات والألفاظ كالأمم والفراد تعلو في زمن وتنحط في غيره وترتقي في إقليم وتهبط في آخر وتحالفها السعوج في قطر وتناكرها في سواه ولم يكن عصر من إعصار اللغة يخلو من أن تكون السيادة فيه لكوكبة من الألفاظ تلح على استعمالها الخاصة ويتهافت عليها السواد مجاراة وتقليداً. ومن هذه الألفاظ التي كان لها سيادة وذيوع، وترادف كلمة النقد على فرق قليل ولم تصل إليه أيدي أصحاب كتب الخصائص: التتبع.
قال في اللسان: التتبع أن تتبع في مهلة شيئاً بعد شيء وفلان يتتبع مساوئ فلان وأثره ويتتبع مداق أموره. وفي كتاب (البخلاء) للجاحظ في حديث سهل بن هارون رداً على أناس عابوا عليه قولاً لهوقد تتبعتموني في قولي كذا أي أخذتم وعبتم ولست أشك في أن