بغيره وهذا ما يدعو لنجاحه منفردا بعيدا عن جماعته ويسلبه أكثر الصفات التي يقوم عليها نجاح العمل في الجماعة.
وليست هذه المساوئ ناشئة عن مزاج الرجل السوري أو عن طبيعة الخاصة
فهو كغيره من الرجال الأذكياء غير أن هنالك أسبابا اجتماعية عملت عملها في روحه منذ الصغر فأورثت نفسه ما أورثتها وسلبت منها ما سلبت منها ما سلبت حتى صار إلى ما هو عليه اليوم، قويا ناجحا ما دام منفردا، وضعيفا فاشلا إذا انضم إلى جماعة.
نحن من المؤمنين أن أهم هذه الأسباب وأعظمها أثرا في تكييف نفسيه الرجل السوري هو النظام العائلي الذي تربينا عليه وترعرعنا في حماه وان تجارب سنوات طويلة قضيناها في درس العائلة (الزوجية) في سورية وتفهم أوضاعها أيدت لنا ذلك وجعلتنا نكاد أن نأبى الجدل فيه.
تجرد عن العاطفة وحكم العقل والمنطق وأقدم على درس العائلة السورية كأنك غريب عنها. انك لا تكاد تجد من أوضاعها غير ما يورث الأنانية وحب الذات
في نفس من نشأ فيها.
في هذه الجماعة الصغيرة الأولى التي تقوم على دعائمها الأمة بأسرها بتلون الذكاء بلون الخشية وسوء الظن ويصير هدؤ الضمير إلى قلق وحذر فتنقلت لذة التضحية إلى حب الذات وتتلطخ طهارة النفس بادر أن الأنانية وأوساخها.
من الصعب علينا أن نبسط في مقال واحد أوضاع هذه الجماعة السورية الأولى التي فيها سر كل ما نعانيه وعليها مدار إصلاحنا الاجتماعية والاقتصادي والسياسي فنبين أثرها وعواملها في تربية النفوس وتطورها لان ذلك يحتاج إلى إقامة الحجج والإدلاء بالبراهين وضرب الأمثلة الصريحة المقنعة. على إننا لا نجد مندوحة عن الإشارة هنا منذ الآن إلى أن جميع تلك الأوضاع تنشأ عن مبدأ واحد هو تحكم الرجل في شؤون المرأة والعائلة تحكما نشأ عن تقاليد قديمة فلم يعد يتفق مع ما تطلبه التربية في هذا العصر لإعداد رجال أشداء لإنجاح لهم إلا في عملهم مجتمعين وهذا ما سنفرد لبيانه وتفصيله بابا خاصا في اعدد الثقافة الآتية.