عن وقاية الأطفال من خطر يهددهم فعلى قدر ما يسرعون في إجراء اختباراتهم في هذه الحياة تزداد حنكتهم وتكون الأخطار التي يتعرضون لها في مستقبل حياتهم أقل.
ولست أعني بالتساهل الذي لا بد منه للأطفال لكشف حقائق هذا الوجود تركهم حيث يتهددهم الخطر بدون تنبيههم له فلا يجوز أن يترك الطفل في غرفة تتقد فيها النيران أو قرب حوض من الماء لا حاجز له أو على سطح مشرف على هوة فإن ذلك ضرب من الجنون كما أن من الجنون أيضاً منع الطفل عن التعرض لأشياء طفيفة لا تضيره إذا كان في تعرضه لها فائدة له وإنماءٌ لخاصة الاستكشاف التي يميل إليها بطبيعته.
يحتاج الطفل الحاجة الشديدة إلى لمس حقائق الوجود بعقله ويديه ولا خير في تربية تسجن الطفل في قفص وتمنعه عن لمس تلك الحقائق لأن على الطفل أن يفتتح هذا الكون ويملكه.
يقول دوهمال الاستكشاف ثروة غريزية وحياة الطفل الذي يترك وشأنه سلسلة متتابعة من الاكتشافات غير أننا نرى والأسف ملء قلوبنا أن طرق التربية تميت هذه الخاصة.
والأمر الرابع: الذي يجب إنماؤه في الطفل هو رقة الشعور والإخلاص والدعة وغيرها من السجايا الحميدة إلا إنني اكتفي بأن أتكلم عن الصفة الأولى.
من منا لم يسمع أو لم يصدف له أن رأى الطرق التي كانت مستعملة من قبل في التربية كربط رجلي الولد بما يسمونه فلقاً وضربه عليهما إلى أن يسيل الدم منهما أو ضم أصابع يديه والضرب عليهما بقضيب إلى أن تخدر أو ربط الولد إلى شجرة أو عامود. أهكذا تنمي رقة الشعور في الولد؟
لا لعمري أن الشعور هو أولى البذور التي في الطفل فهو يبتسم وما ابتسامته إلا إفاقة هذه الخاصة ودليل على المحبة. يقول أحد الاختصاصيين في التربية: ينمى الشعور في الولد بجعله في جو هادئ ساكن وبإنقاص عدد الأشخاص الذين يحادثونه وبتركه بين لعبه لأنها أشياء هادئة لا تعكر صفاء عقله النامي. هكذا تنمو جميع الملكات نومها الطبيعي بعيدة عن الضوضاء كما تنمو النباتات الصغيرة تحت الغطاء الذي يقيها الريح والشتاء والشمس المحرقة.
أما نحن فلا نزال قاصرين عن إتمام هذا الواجب لأننا نعود الطفل منذ ولادته الدغدغة والدلال والرَّج بين اليدين، نسمعه صراخنا وأغانينا التي تثير عواطفه وتنبه أعصابه غير