تجربه أني شاءت.
ولو قالته العربية لجاز - أن جاز - أن تقول: (القتل أقتل للقتل). فينزل في البيت الأعشوي، الشلشي، أو بيت (المتنبي) القلقي الذي قلقل الحشا وتجيء ثلاث قافات خشنة، كل قاف كجبل قاف - كما قال أحمد بن الحسين الهمذاني - وإن جانب هذا القول الفارسي، أو العربي الدعي، القتل وتوسطه (النفي) أو (الفناء) ففيه، في كلمتين قافان قاتلان. وهو في مجال البلاغة والبيان مصروع ومقتول.
قد يراد بهذا القول ما قصده الشاعر القائل:
بسفك الدما (يا جارتي) تحقن الدما ... وبالقتل تنجو كل نفس من القتل
أو القائل (وهو المتنبي)
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم.
أو القائل (وهو أبو تمام):
ما أن ترى الأحساب بيضاً وضحاً ... إلا بحيث ترى المنايا سوداً
فهو - والحالة هذه - في وادٍ، والآية المعجزة في وادٍ.
وأن عنى القول الفارسي ما تعنيه الآية فأين خبث الحديد من ذهب الإبريز والماس (أو الألماس) المشع الوهاج؟
وهل الأعجاز بالقلة؟ و (وطن النهى) في قول أبي تمام:
كم صارم عضب أناف على فتى ... منهم لأعباء الوغى حمال
سبق المشيب إليه حتى أبتزه ... (وطن النهى) من مفرق وقذال
كلمتان، و (الراس) واحدة. وعند أبن الأثير (الأديب) تبيانها.
وأن رمت الإيجاز مع الأعجاز فخذ من (الكتاب) في القصاص حيوة ولولا أنه القرآن لقلت: خذ يا (سيد): القصاص حيوة.
(القتل أنفى للقتل) قول فارسي، نقله المترجم العربي، وفيه ضعف، معناه كريم، ولفظه، سبكه لئيم. قاله إزدشير الملك.
ولكم في القصاص حيوة يا أولي الألباب قول عربي، قول معجز قرآني لا يستقل بوصفه - أن احتيج إلى وصفه - إلا بلاغة النبي، بل هو يصف نفسه، ويعلن فضله، وينادي على