فقلت (الحس العضلي)، لأن هذا النوع من الحس لا يكون إلا بالعضلات. وهذه هي المرة الثانية التي يناقض حضرته نفسه ويلومني على تصرفي بالتعريب، بينما نجد نقده يحوم حول إظهاري شديد الولع بالمحافظة على الأصول محافظة عمياء (وكنت لا انتظر من حضرته أن يجيز لنفسه استعمال هذا النعت بحقي). فبعد هذا كله أينا أشد محافظة على الأصل؟
والأغرب أنه لم يحبذ تعريب لفظ بالرصد في معرض البحث الفلكي وغاب عنه أن المرصد الفلكي في باريس يدعى وإن (الملاحظة) لا تصلح لهذا اللفظ إلا في غير الشؤون الفلكية.
كما أنه أخذ علي كتابة (سوقراط) بالواو، فإن أرباب الأفكار الحديثة لا يرون اليوم بأساً من كتابة الكلمات العربية نفسها كما تلفظ أي بزيادة حروف مد حيث يمكن، فكيف بنا والكلمات الأعجمية كسوقراط. وهل نحن من محبذي الوضوح أن الغموض؟ بحيث نجعل القارئ يتردد في قراءة (سقراط) بين حركات السين الثلاث.
وكم نسب الأوروبيون إلى لغتنا القصور والغموض لخلو معظم كلماتها مما يدل على الحركات ويسهل القراءة؟
ومما لاحظه عليّ: تعريبي (بعلم الحكمة). نعم لقد اقتصرت نادراً جداً على لفظ علم الحكمة بدلاً من علم الحكمة الطبيعية ولكن ذلك كان عمداً مني طلباً للإيجاز، لأني أكثرت جداً من تكرار (علم الحكمة الطبيعية) في صلب الكتاب بحكم الضرورة. ثم لما اضطرت إلى استعمال النسبة مثل في (العلوم الحكمية - الكيماوية) إذ كيف كان يمكنني إضافة لفظ (الطبيعة) بعد الحكمية هنا؟ ولا أخال أحداً طالع هذا الكتاب وظنني عربت (بعلم الحكمة) فقط.
أما الأمر الهام فليس هنا، لأنه لا يطلب تعريبها (بعلم الحكمة الطبيعية)، بل في نصحه إياي بتعريب (بعلم الطبيعة) أو (الفيزياء) وسها عن باله أن علم الطبيعة يتناول الحكمة الطبيعية والكيمياء وعلم الحياة وعلوم الحيوانات والنباتات والطبقات وكلها تسمى العلوم الطبيعية وبعضهم حصرها في العلوم الثلاثة الأخيرة. فكيف يريد أن أستعيض عن علم الحكمة الطبيعية وحدها (بعلم الطبيعة) الشامل المعنى؟ وفوق ذلك يفضل استعمال الكلمة