أبحاث فرغ الناس منها هي صدى ما علق بذهنها من مطالعة الصحف الحين بعد الحين.
أما العوامل التي سببت وقوف عمل جمعيات النساء عند هذا الحد على ما يقول بعض المفكرين فالأخلاق السلبية التي يتصف بها كل من الرجل والمرأة في سوريا وإن أثر هذه الأخلاق في المرأة ما يزال أقوى منه في الرجل فهي قد توافقك على الفكرة الفلسفية والعلمية وتشعر بضرورة عملها بها سعياً وراء المثل الأعلى ثم تقف مترددة ثم محجمة عما تطمح إليه بعامل الجبن أو الوجل أو الكسل أو الجهل.
وقد يكون جهل جماعات النساء بالطريق إلى تحقيق أغراض جمعياتهن أكبر العوامل التي وقفت بهن بعد صرف عشر سنوات في المناقشات التي لا طائل تحتها عند هذا الحد لأنك إذا بحثت بينهن عن حاملات الشهادات الطب والآداب والصيدلة والحقوق والفنون القادرات على التعمق والإفاضة لا ترى أثر لهن في هذه الجمعيات إلا حين يدعين إلى ألقاء كلمة. لأن هذه الفئة لم تجد حتى الآن على هذه الجمعيات بشرف انتمائها إليهنَّ، ولا هن يأبهن لتأليف جمعيات خاصة بهن يتذوقن فيها لذة التفاهم ويعملن في صبر وتأن على إبراز أعمالهن بدقة وإتقان لينتجن شيئاً أو يحققن غاية أدبية أو موسيقية أو فنية أو رياضية أو اجتماعية أو علمية على نقيض ما نرى من النهضات النسائية في العجم وفي الهند وفي تركيا تلك الأقطار الشرقية التي تسير المرأة المثقفة بجماعتها وفق فكرة فلسفية أو وفق غاية معينة تطمح بها إلى مثل أعلى تضعه نصب عينيها وتبذل قصاراها في البلوغ إليه رغم ما تلاقيه من عنت وإجهاد ومشاق إلى أن يقيض لها الله أسباب التوفيق.
فإذا لم تتألف الجمعيات النسائية من فرق المثقفات أو لم يكن كل الأعضاء في جمعية واحدة مثقفات فإن جمعياتنا الحاضرة ولئن ناصرتها العاملات بإخلاصهن، ودرجة أكثرهن العلمية لا تسمو على التعليم الابتدائي، باقية عند هذا الحد إلى عشر سنوات أخرى تظل فيها نهضتنا النسائية الموهومة سخرية لأدبيات الغرب اللاتي يأتين للسياحة في هذه البلاد وأن لي مما نشر أدبية فرنسية سائحة طلبت أن تجتمع إلى الزعيمات فكان لها ما أرادت دليلاً على ذلك. فقد رغبت هذه السائحة أن تطلع على درجة مستوى زعيماتنا العملي فقامت تلقي عليهن الأسئلة فإذا هن يجهلن تاريخ دينهن وبلادهن حتى أسماء الجبال التي تحيط ببلدتهن ويشرفن عليها من نوافذ منازلهن!