ثمانية مكاكيك عند أهل العراق ومن الأرض قدر مائة وأربع وأربعين ذراع. ووجدت في بعض الكتب أن الجريب عشرة آلاف ذراع. ولكني أرى إذا جعلنا الجريب المقصود هنا عشرة آلاف ذراع وضربنا به الثلاثة والأربعين ألفاً والسبعمائة والخمسين جريباً التي هي مساحة بغداد في ذلك الوقت بحسب تاريخ ابن الخطيب بلغ ذلك مبالغ غير معقولة إذ إن كان الجريب عشرة آلاف ذراع تكون المساحة ثلاثة وأربعين مليوناً وسبعمائة وخمسين ألف ذراع مربع وهذا بعيد جداً هن العقل. فلذلك أخترنا التقويم الآخر وهو أن يكون القفيز مائة وأربعة وأربعين ذراعاً في تاج العروس والجريب عشرة أقفزة فيكون ألف وأربعمائة وأربعين ذراعاً. فإذا ضربنا ثلاثة وأربعين ألفاً وسبعمائة وخمسين جريباً بألف وأربعمائة وأربعين ذراعاً جاء ثلاثة وستون مليون ذراع مربع. فإذا أخرجنا ثلثها من أجل تكسير هذه المساحة على المتر بقي معنا اثنان وأربعون مليون متر مربع وهي مساحة تعادل ثمانية آلاف فدان بحيث يكون طول بغداد من ستة إلى سبعة كيلو مترات وعرضها من ستة إلى سبعة كيلو مترات أيضاً فهذا معقول وسائغ بل يجوز أن تكون رقعتها أوسع من هذا المقدار ذلك العقل، ولكن إن جعلنا الجريب عشرة آلاف ذراع مربع بل جعلناه ثلاثة آلاف وستمائة ذراع كان ذلك بعيد جداً عن العقل.
أما الشيء الذي لا يتحمل وجوهاً وهو بعيد جداً عن العقل فهو رواية ابن الخطيب نقلاً عن محمد بن يحيى عن عدد الحمامات في بغداد قال: إن عدد الحمامات كان في ذلك الوقت في بغداد ستين ألف حمام وأقل ما يكون في كل حمام خمسة نفر حمامي وقيم وزبال ووقاد وسقاء يكون ذلك ثلثمائة ألف رجل.
فهذا غير معقول وغير مقبول قولاً واحداً لأننا لا نستطيع أن نتصور مدينة عملت الحمامات فيها ثلثمائة ألف إذ لو قلنا بغداد كانت ثلاثة ملايين نسمة وجب أن يكون عملة الحمامات عشر أهلها. ولا يوجد بلدة في الدنيا مهما بلغ من حب أهلها للنظافة يكون عشر سكانها عملة حمامات. فلو قلنا أن بغداد كانت في لذلك العهد بقدر لو ندرة اليوم أي تسعة ملايين فيجب أن يكون عدد الحمامين فها واحداً من ثلاثين وهذا غير معقول أيضاً. كما أنه لم تبلغ بغداد في وقت من الأوقات درحة لو ندرة اليوم في عدد السكان، هكذا نظن.
وأغرب منه قول ابن الخطيب نقلاً عن محمد ابن يحيى أنه يكون بإزاء كل حمام خمسة