(ليون) بتتويجه إذا استطاع صرف العرب عنهم فأستأمن (ليون) لنفسه وتظاهر لمسلمة بالمودة والإخلاص ثم خدعه وأتلف طعام العرب حتى كادوا يهلكون من الجوع واضطروا إلى أكل الدواب والجلود وأصول الأشجار وأوراقها وكل شيء غير التراب وهم صابرون تجاه أعدائهم ينتظرون المدد من خليفتهم وكان الخليفة عازماً على اللحاق بهم بنفسه فما أمكن ذلك لمفاجأة فصل الشتاء البارد حتى توفي في مرج دابق في شمال حلب والجيش على أبواب القسطنطينية يكاسر الجوع عزائمه وتفتك النار الإغريقية به فلما تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز رأى من الحكمة رفع الحصار ورجوع الجيش فكتب إلى مسلمة بذلك وأرسل إليه مؤونة كثيرة وخيلا عتافاً فوصلته وهو قافل في الطريق سنة ٩٩ هـ -.
٧ - وهذه المحاصرة كانت على يد عبد الله البطال الإنطاكي من قواد مسلمة بن عبد الملك في عهد أخيه هشام وفيها أحرزت العرب انتصارات عظيمة قرب القسطنطينية حتى اضطر القيصر إلى توقيع معاهدة كانت في مصلحة المسلمين.
٨ - كانت هذه المحاصرة في عهد المهدي العباسي إذ أرسل ولده هارون الرشيد سنة ١٦٥ هـ - في جيش مؤلف من (٩٥) مجهز بكامل العدد فأوغل هارون في بلاد الروم حتى بلغ البوسفور وهدد المدينة فكان الذي يقوم بأمر الروم القيصرة (اربنى) والدة القيصر قسطنطين السادس فهادنت هارون على (٧) دينار في السنة وأن تقيم في طريقه الإدلاء والأسواق فأجابها إلى ذلك ورجع مكللاً بأكاليل العز والنصر فمدحه مروان بن أبي حفصة بقوله:
أطفت بقسطنطينية الروم مسنداً ... إليها القنا حتى اكتسى الذل سورها
ومازحتها حتى أتتك ملوكها ... بجزيتها والحرب تغلي قدورها
٩ - كانت هذه المحاصرة في خلافة الرشيد وسببها أن الروم ثارت سنة ١٨٧ هـ - على القيصرة (اري) فخلعوها وتوجوا أحد القواد (نقفور) فكتب هذا إلى هارون كتاباً يهدده فيه ويقول له (أردد ما حصل من قبلك من الأموال وإلا فالسيف بيني وبينك) ولما قرأ الرشيد الكتاب استفزه الغضب فكتب على ظهره قد قرأت كتابك والجواب ما ستراه لا تسمعه والسلام ثم شخص من وقته في جيش عرمرم حتى أناخ بباب (هرقلة) ففتحها وغنم ولما رأى ذلك (نقفور) طلب المهادنة على خراج يؤديه كل سنة فأجابه الرشيد إلى ذلك وقفل