أنه سيأتي يوم أرى فيه نفسي مخلوقاً غريباً عن بقية الناس.
وجاءت الحرب الكبرى. وكنت في التاسعة من عمري عند ابتدائها وأني لأذكر حزني إذ ذاك لأن عمري لم يكن يسمح لي بالذهاب إلى الجبهة الحربية والقتال في سبيل انكلترا. لقد تعلمت في المدرسة أنه يجب على المرء أن يفخر بأنه تابع للإمبراطورية البريطانية وأن بريطانيا أعظم دول الأرض وتعاليم أخرى كهذه لا اعتقدها الآن بعد أن أصبحت رجلاً وسافرت إلى بلدان كثيرة.
وأطلقت العنان لنفسي يجرفها تيار الحماس الحزبي فاشتركت في فرقة الكشافة وفعلت كل ما استطيع في سبيل انكلترا ولقد وصلت الأخبار عن الذين سافروا إلى ساحة الحرب وأذكر أني قرأت في الجرائد إذ ذاك جملاً من هذا النوع. لقد عادت إلى الجنود الجامابيكين السود طبائعهم الوحشية الأصلية أثناء المعركة فانقضوا على الأعداء. .
لم أكن لأفهم معنى هذا ولم أكن أعرف لماذا يطلقون على أبناء قومي اسم زنوج الجاماييك، ولا لماذا يقولون عنهم أن طبائعهم الوحشية الأصلية قد عادت إليهم. . . ومن أين لي أن أدرك؟؟ كنت عائشاً في عالم يقضي سكانه، من البيض كانوا أم من السود، أوقاتهم في لعب (الكريكت) وشرب الشاي والتحدث عن حكم النفس بالنفس محتقرين الفقر، متعلمين اللهجة الانكليزية الصحيحة في أحاديثهم. فأية علاقة للطباع الوحشية بكل هذا؟؟ لقد كانت كلمة زنجي تؤذي نفسي لأنها كانت تطلق في نظري على أقوام تعيش في أفريقيا حياة همجية وليس في وسع أحد الاتصال بها أو التعامل معها. وكم كنت غبياً مجنوناً!!.
لقد عينت الحكومة الانكليزية في أحد الأيام مديراً جديداً لسكة حديد الجاماييك، ولقد كان يشغل وظيفة مماثلة في جنوب أفريقيا من قبل، فأخذ يتكلم بعد وصولي لبلادنا عن وجوب تسيير خاصة بالزنوج.
فتألف في الحال وفد ذهب إلى المدير في مكتبه وأفهمه أن سكان الجاماييك وأن كانوا زنوجاً فهم راقون لدرجة لا يحلم هو نفسه بالوصول إليها، وأنهم لا يقبلون بأي وجه معاملتهم كمتوحشين، إنه من الأصح أن لا يعود إلى التكلم عن العربات الخاصة ونصحه البعض بالاستقالة.
وبعد ذلك بمدة قصيرة رأى هذا المدير أن يلفت نظر أبي الذي كان إذ ذاك رئيس