للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجرائم للتحكم بك زاعمين أنهم ارتكبوها للدفاع عنك، ويسمحون لأنفسهم مفاخرين بكل ما يعيبونه عليك ويرمونك به، ومازالوا وهذا شأنهم حتى إذا أنهكت المظالم قواك وضعضع الألم آمالك ورجاءك قالوا عنك ضعيفة لا نصيب لك من الحياة إلا الرحمة بك والإشفاق عليك.

لقد عرفتك في كل الأدوار والمراحل ضعيفة خاضعة مستسلمة صابرة، وعرفتهم في كل الأدوار أقوياء لا حد لظلمتهم ولا نهاية لما أنزلوه بك من عسف واضطهاد.

أيتها الضعيفة لا تجزعي ولا يتأسي بل روحي عنك وأرجعي بخيالك إلى ماضي الحياة البعيدة وتاريخها الغابر المتراكم في هاوية العدم. إنك لا تجدين بين طياتها إلا صراعاً قائماً بين الظلم والعدل وعراكاً يكاد لا ينقطع بين الحق والقوة. هذه سنن الحياة ونظمها أيتها الضعيفة فلا يهولنك ما ترين.

تمر العصور وتنقضي حقب الدهر وتنازع البقاء لا يبرح ثابتاً في أصوله لا تتغير إلا صوره وألوانه.

أيتها الضعيفة تشجعي فأنت سليلة الأماجد ممن أبوا الضيم ولقد آن لك أن تؤمني أن الحق حقك فتستنبطي من الضعف قوة ومن اليأس أملا ورجاء.

أيتها الضعيفة استبسلي فالحرية لا ينالها إلا طالبها والمجد لا يحرزه إلا الجسور المقتحم.

هاهي الشمس قد نشرت أشعتها فوق الأرض وها هو النور يملأ المنازل ويغمر الروابي والبطاح وهاهي المدينة الجبارة وقد نهضت من نومها العميق تعجب لجهدك وتعتز بمجدك.

<<  <  ج: ص:  >  >>