مدينة فقيرة كدمشق وعرفت ما عانينه في سبيل إيصاله إلى ما وصل إليه رغم الحجاب الكثيف الذي يحجب وجههن ورغم حب الذات المتأصل في نفوسنا نحن الرجال، لعرفت أن هنالك جهداً جباراً قد يضيق به ذرعاً من لم يكن مخلصاً في عمله، سامياً في مبدئه، شريفاً في نفسه وروحه، وإنك إذا بحثت الأمر أيضاً ووقفت على كثير من شؤون جمعية دوحة الأدب وأعمالها الهادئة الرصينة لا يبقى مجال للشك في نفسك بنجاح مشروعها الجديد ولأيقنت أن المال المطلوب سيجمع أن لم يكن عاجلاً فآجلاً وأن بناء المدرسة سيقام بعد حين في قلب عاصمة الأمويين ضخماً فخماً شاهداً على جهد المرآة السورية وعظمتها، ويؤيد يقينك ما تراه ويتناوله سمعك في كل يوم وفي كل ساعة من دعوة الشقيقة شقيقها وإلحاح الزوجة على زوجها ورجاء القريبة قريبها لمناصرة هذا المشروع وبيع طوابعه وبذل الهمة في سبيله كأنه عمل خاص بهن وكأن المال الذي سيجمع من وراء ذلك سيمنح إليهن ولذويهن.
إن هذه العاطفة السامية المتأججة في نفوس هؤلاء النسوة أعضاء جمعية دوحة الأدب هي الشرط الأول في نجاح عمل الجماعات وهي عاطفة أن لم نتعدها بالتشجيع والمناصرة أصبحت بعد حين كغيرها من تلك العوامل الروحية التي لا تلبث أن تخمد شعلتها في هذه البيئة الخشنة من الدعائم التي يبنى عليها مجد الأمم وسلطانها.
إذا شكرنا أعضاء جمعية دوحة الأدب على جهودهن ومساعيهن رغم ما يعترضهن من مصاعب التقاليد والعادات التي يرزحن تحت أثقالها، فإنما نؤدي فرضاً هو أقل ما يمكن في باب التشجيع والمعاضدة، وإذا دعينا لمناصرة مشروع الجمعية الجديد ومساعدته، فإنما نذكر قرأنا بواجبات وطنية ليس بين الناس من يعجز عن القيام بها أو يجد عذراً في تقاعسه عن أدائها. والعمل الصالح في سبيل الجماعة هو عمل شريف مجيد مهما صغرت قيمته وقلّ شأنه.