تاغور. - أننا في العلم نتبع طريقة تؤدي إلى حذف حدود أفكارنا الفردية ونصل هكذا إلى مفهوم الحقيقة المرتكزة على فكر الإنسان الكلي.
آينشتاين. - إذن فالمسألة هي: هل الحقيقة مستقلة عن شعورنا؟.
تاغور. - إن ما نسميه كائن في الاتساق العقلي بين الوجهات الشخصية والوجهات الموضوعية للوجود، وهذه الوجهات كلها للإنسان اللاشخصي أي الذي هو فوق الأشخاص.
آينشتاين. - ولكننا نشعر، حتى في حياتنا اليومية، إننا مضطرون إلى الاعتراف بأن للأشياء التي نستعملها كل يوم وجوداً مستقلاً عن الإنسان. أننا نفعل ذلك لإيجاد نسبة معقولة بين مسلمات الحواس المختلفة. مثال ذلك إذا أحد لم يكن في البيت فإن هذه المنضدة تبقى حيث هي.
تاغور. - نعم، إنها خارج العقل الفردي، ولكن ليس خارج العقل الكلي. إن هذه المنضدة التي أراها تدرك بشعور شبيه بشعوري.
آينشتاين. - إن وجهة نظرنا الطبيعية في وجود الحقيقة مستقلة عن الإنسانية لا يمكن أن توضح ولا أن تثبت، ولكنها اعتقاد لا يفارق أحداً حتى الإنسان الابتدائي، فنحن نقول بموضوعية الحقيقة ونعتقد أن هذه الموضوعية هي فوق الإنسان وإن الحقيقة ضرورية لنا وأننا، وإن كنا لا نعرف معنى هذا الوجود وحقيقته، نثبت للحقيقة وجوداً مستقلاً عن وجودنا وتجاربنا وعقولنا.
تاغور. - لقد أثبت العلم أن المنضدة من حيث هي شيء صلب ليست إلا ظاهرة من الظواهر، ينتج من ذلك أن الشيء الذي اعتبره العقل البشري منضدة لا وجود له إلا إذا كان العقل موجوداً. وفي الوقت نفسه يجب أن نعلم أن خالص وجود المنضدة من الوجهة المادية ليس إلا جملة من مراكز القوى الكهربائية المنفصلة والدائرة بعضها حول بعض وإن حقيقتها تابعة أيضاً للعقل البشري.
إن في معرفة الحقيقة نزاعاً أبدياً بين الفكر البشري الكلي والفكر البشري الضروري. وهناك وئام دائم يحصل بين علمنا وفلسفتنا وأخلاقناً. وعلى كل حال فإنه إذا وجد حقيقة مطلقة لا علاقة لها لا إنسانية فهي بالنسبة إلينا غير موجودة.
ليس من الصعب أن نتخيل فكراً لا يطلع على الأشياء ضمن نطاق المكان بل داخل الزمان