للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (١) دال على تحريم قتل كل فرد من أفراد النفوس بالإجماع، وليس معناه: ولا تقتلوا مجموع النفوس، وإلا لم يدل على فرد فرد، فلا يكون عاصيًا بقتل الواحد؛ لأنه لم يقتل المجموع وبهذا يزول الإشكال الذي شغب به القرافي (٢)، فإنه قال: دلالة العموم على كل فرد من أفراده نحو: زيد المشرك مثلًا من المشركين، لا يمكن أن يكون بالمطابقة ولا بالتضمن ولا بالالتزام، وإذا بطل أن يدل لفظ العموم على زيد مطابقة وتضمنًا والتزمًا بطل أن يدل لفظ العموم مطلقًا؛ لانحصار الدلالة في الأقسام الثلاثة [وإنما قلنا: لا يدل عليه بطريق المطابقة؛ لانتهاء دلالة اللفظ على مسماه بكماله. ولفظ العموم لم يوضع لزيد فقط حتى تكون الدلالة عليه مطابقة] (٣) وإنما قلنا لا يدل عليه بالالتزام لأن دلالة الالتزام هي: دلالة اللفظ على لازم مسماه، ولازم المسمى لا بد وأن يكون خارجًا على المسمى، وزيد ليس بخارج عن مسمى العموم، لأنه لو خرج فخرج عمرو وخالد، وحينئذ لا يبقى في المسمى شيء (٤). وإنما قلنا لا يدل بالتضمن، لأنها دلالة اللفظ على جزء مسماه، والجزء إنما يصدق


(١) آية (١٥١) من سورة الأنعام.
(٢) انظر: نفائس الأصول للقرافي (٤/ ١٧٣٣).
(٣) ما بين معقوفين سقط من المخطوط والإكمال من نفائس الأصول (٤/ ١٧٣٣)، وتشنيف المسامع (٢/ ٦٥٢) واللفظ له، والإبهاج (٢/ ٨٤).
(٤) من هنا إلى قوله "فلا يدل عليه تضمنًا" ليست في التشنيف وهي موجودة في النفائس والإبهاج. انظر: المصادر السابقة.