للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأكثرون عن كون هذا الاسم يطلق بالاشتراك على أربعة معان، فلا ينبغي أن يطلب لجميع أقسامه حد واحد، بل يفرد كل قسم بالكشف عنه.

فالأول: الوصف الذي يفارق (١) به الإنسان البهائم، وهو الذي به استعد لقبول العلوم النظرية، والصناعات الخفية الفكرية، وهو الذي أراده الحارث (٢) المحاسبي حين قال في حد العقل إنه غريزة يتهيأ بها درك العلوم النظرية، وكأنه نور يقذف في القلب به يستعد لإدراك (٣) الأشياء.

والثاني: ما وضع في الطباع من العلم بجواز الجائزات واستحالة المستحيلات، كالعلم بأن الاثنين أكثر من الواحد (٤) وهو الذي عناه بعضهم بقوله في حد العقل إنه بعض العلوم الضرورية وهو صحيح في نفسه لأن هذه العلوم موجودة وتسميتها عقلًا ظاهر، وإنما الفاسد أن تنكر تلك الغريزة ويقال لا موجود إلا هذه العلوم.

والثالث: علوم تستفاد من التجارب تسمى عقلًا.


(١) في المنهاج "الذي به يفارق".
(٢) هو الحارث بن أسد المحاسبي البصري (أبو عبد الله) الإمام المشهور صاحب التصانيف في التصوف والزهد ومن كتبه "رسالة المسترشدين ومائية العقل" وتوفي سنة (٢٤٣ هـ).
انظر: شذرات الذهب (٣/ ١٧٤ - ١٧٥)، ومعجم المؤلفين (٢/ ١٠٣)، ومقدمة كتاب العقل وفهم القرآن لحسين القوتلي.
(٣) راجع كتاب مائية العقل للحارث المحاسبي ص (٢٠١ - ٢٠٤).
(٤) في المنهاج بزيادة "وأن الشخص الواحد لا يكون في مكانين".