للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشرف ما في الإنسان إذ ربما سبق أواخر الأشياء أوائلها شرفًا وفضلًا، وفي المعنى قول الشاعر (١):

لا تقعدن عن المكارم والعلا ... فلربما سبق الأخير الأولا

وقالت آخر (٢):

أفخر بآخر من بليت بحبه ... لا فخر في حب الحبيب الأول

أوليس قد ساد النبي محمد ... كل الأنام وكان آخر مرسل

سلمنا أن أوليته تدل على شرفه لكن لا نسلم أن ذلك يقتضي كون العقل فيه.

وقولهم (ذلك أعون على صلاح البدن) معارض بعكسه وهو أنهما إذا افترقا أحدهما في الرأس والآخر في البدن كان ذلك أجدر بالصلاح، كما يجعل الشجعان الأكفاء في ميمنة العسكر وميسرته وقلبه ولو اجتمعوا في موضع واحد لانكسر الجهة الأخرى، وكما يفرق الحاكم الولاة في البلدان لصلاحها، واستعانة السلطان بالوزير لا تتوقف على كونه معه في المدينة إذ قد يستعان برأيه على بعد المسافة.

الثالث (٣): وهو من أدلة المشرعين قوله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} (٤) وقوله سبحانه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ


(١) لم أقف على اسمه.
(٢) لم أقف على اسمه.
(٣) انظر: هذا الدليل في العدة (١/ ٩٠ - ٩٤)، والتمهيد (١/ ٤٩ - ٥١).
(٤) سورة الأعراف: (١٧٩).