للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للعشرة (١) ونسخ تقديم الصدقة بين يدي النجوى.

قالوا: لو جاز نسخ الحكم دون التلاوة لزم تجهيل المكلف، إذ يوهم بقاء الحكم. قلنا: مبني على التحسين (٢)،


(١) المراد به قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [سورة الأنفال: ٣٠]، نسخ بقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: ٦٦] , وحكي الإجماع على وقوع النسخ في آية المصابرة، ابن عطية في المحرر الوجيز (٢/ ٣٨٣، ٨/ ٢٩)، وانظر الدليل في الرسالة للإمام الشافعي ص (١٢٧)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (٣/ ٥٤٩).
(٢) التحسين والتقبيح العقليين، ذكرها المصنف في شرح مختصر أصول الفقه، القسم الأول ص (٢٤٤)، فقد ذكر أن الحسن والقبح له إطلاقات ثلاثة: الأول: الملائمة للطبع ومنافرته، فما لاءم الطبع حسن، وما نافره قبيح، الثاني: صفة الكمال والنقص، فالحسن ما أشعر بالكمال، والقبيح ما أشعر بالنقص، وهما بهذين الاطلاقين، لا خلاف بأن العقل يدركها استقلالًا، ولا يتوقف إدراكها على الشرع، وأما النزاع فوقع بين الطوائف في الإطلاق، الثالث: أنه بمعنى ما يوجب المدح عاجلًا، والذم آجلًا، فمذهب المعتزلة في التحسين والتقبيح: أنهما عقليان، وهذا باطل، ومذهب الأشاعرة: نفي الحسن والقبيح العقليين، فالعقل لا مدخل له في إثبات الثواب والعقاب الشرعيين، حتى أبطلوا أن الأفعال لها صفات ذاتية من الحسن والقبح تدرك بالعقل، والمذهب الحق -وسط بين القولين-: فهم يثبتون أن لبعض الأفعال حسنًا وقبحًا بالعقل، ولا يرتبون على ذلك استحقاق الثواب والعقاب عليها إلا من جهة الشرع، انظر: المحيط بالتكليف للقاضي عبد الجبار ص (٢٣٤)، والمواقف للإيجي ص (٣٢٣)، والإرشاد إلى قواطع الأدلة للجويني ص (٢٢٨)، ومفتاح دار السعادة لابن القيم (٢/ ٤٠٢).