للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما ذكره بالاعتبار، وإن لم يبق لم يَحتج إلى أصلٍ، إذ ثبوت الحكم تابعٌ للحكمة وقد علم انتفاؤها (١).

يعني أن المعترض إذا منع سببية الوصف الذي علل به المستدل، فإما أن يبقى احتمال وصف المستدل مع ما أبداه المعترض، أو لا يبقى، فإن بقيَ احتمال الحكمة ولو على بعد أي: ولو كان احتمالًا بعيدًا، لم يضر ذلك المستدلّ لأن احتمال حكمة وصفه باقٍ، والوصف مَظِنّةٌ له.

وقد ألفنا من الشارع أنه يكتفي في ثبوت الحكم بوجود مَظِنّته، ومجرد الذي أبداه بالاعتبار حتى يقوى على إبطال وصف المستدل، فإذا قال المستدلّ - في النبيذ -: مسكرٌ، فكان حرامًا كالخمر، فيقول الحنفي: غير مقطوع بتحريمه، أو غير مجمع على تحريمِه، فلا يَحرم كالخلّ واللّحن، فيقال: الحكمة في الإسكارِ باقية على ما لا يخفى، والمسكر مظنّة لها، وذلك كافٍ في ثبوت التحريم، عملًا بوجود المظِنة حتى تأتي أيها المعترض بشاهدٍ على اعتبار وصفك، وهو أن ما ليس مقطوعًا بتحريمه أو مجمعًا على تحريمه لا يكون حرامًا، وإن لم تبق حكمةُ وصف المستدلّ مع ما أبداه المعترض لم يحتج المعترض إلى أصل يشهد لما ذكره بالاعتبار، لأن ثبوت الحكمِ تابع لبقاء الحكمة، لأنها المقصود به، وهو وسيلة إليها، وقد علم انتفاؤها، ومع انتفاء المقصودِ لا فائدة في بقاء الوسيلة (٢).


(١) مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (١٥٨).
(٢) شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٥٤٣).