للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن هجرت الحقيقة قدم المجاز عليها اتفاقًا، كمن حلف لا يأكل من هذه النخلة فيحنت بثمرها دون خشبها الذي هو الحقيقة المهجورة حيث لا نية.

وأما قوله: (واللفظ لحقيقته حتى يقوم دليل المجاز) فمراده لو كان معنا لفظ له حقيقة ومجاز فهو لحقيقته ولا يستعمل في المجاز إلا بدليل، كالأسد للحيوان المفترس والشجاع لكن لا يستعمل في الشجاع إلا بدليل.

وإنما قلنا اللفظ لحقيقته لأننا لو لم نقل ذلك لكنا إما أن فحين حمله على مجازه أو نجعله مجملًا لتردده بين احتمال الحقيقة والمجاز، والأول باطل باتفاق لم يقل به أحد، والثاني يوجب اختلاف مقصود الواضع وهو التفاهم، لأن الحكمة في وضع الألفاظ إنما هو إفهام معانيها ودلالتها عليها، فلو جعلت مترددة بين الحقائق والمجاز لصارت مجملة واحتاجت إلى بيان ولم يحصل المقصود بها.

* * *