للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج بقوله: {أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} (١)، وأجيب بأنها للترتيب الذكرى، أو على تقدير حذف، أي أردنا إهلاكها.

وذكر جماعة أن "الفاء" تشارك "ثم" في التريب الإخباري كما تشاركها في الترتيب الوجودي، نحو "مطرنا بمكان كذا فمكان كذا" وربما يذكر كيف نزل بها، وربما ذكر الذي كان أولًا آخرا (٢).

وأما {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ} (٣) و {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} (٤) فقيل: لترتيب الأخبار بعضها على بعض نحو "زيد عالم ثم كريم" وقيل: بمعنى الواو.

وأما التعقيب فمعناه المشهور كون الثانى بعد الأول من غير مهلة بخلاف "ثم" وصار المحققون إلى أن التعقيب في كل شيء بحسبه ولهذا يقال "تزوج فلان فولد له" إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل وإن كانت متطاولة، و"دخلت البصرة فالكوفة" إذا لم تقم في البصرة ولا بين البلدين.

وفي هذا انفصال عما أورده السيرافي على قول البصريين


(١) سورة الأعراف: (٤) وفيها {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} ووجه استدلال الفراء أن مجيء البأس متقدم على الإهلاك وعطف عليه بالفاء فدل هذا على أنها لا تفيد الترتيب.
انظر: شرح الكوكب المنير (١/ ٢٣٤).
(٢) ما سبق اقتتبسه المصنف عن تشنيف المسامع للزركشي (ق ٤٥ ب).
(٣) سورة يونس: (٤٦).
(٤) سورة البلد: (١٧).