للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لخطاب الله سبحانه لهم إذ لو لم يسبق منهم مواضعة لما فهموا خطاب الله سبحانه (١).

قال: والدلالة على فساد قولهم أن الله سبحانه قادر على أن يضطرهم إلى فهم ما يخاطبهم به ويلهمهم فهم معانيه، وآية ذلك أنه سبحانه ألهم من الهداية إلى أشياء لا يخرج بالعلوم الاستدلالية مثلهما، من ذلك إلهام الطفل تناول الثدي ثم إلقامه إياه، لأن ما فيه من اللبن ممتنع عن الجري إلا بنوع جذب ومص، فألهمه الله سبحانه الإلقام ثم المص، وألهم النحل عمل المسدسات التي يعجز عنها كثير من أهل الخبرة بالهندسة، وإلهام البهائم التداوي بالحشائش المنتفع بها في أوقات الفصول التي يختص بمعرفتها بعض الناس من العلماء، وإلهامها زَقَّ (٢) أفراخها زمن العجز عن النهوض وفطامها حين نهضتها، وإلى أمثال ذلك وهذا إلقاء من الله سبحانه، فهذا يوضح أن إلقاء الفهم لمعاني الخطاب لا يغرب عليه سبحانه (٣).

وأطال الكلام في هذا لكن فيما ذكرناه كفاية فلنرجع إلى أصل المسألة القائل بالتوقيف: {وَعَلَّمَ آدَمَ} (٤).


(١) انظر: الواضح لابن عقيل (١/ ق ٢٠٦ ب).
(٢) الزق: مصدر زق الطائر فرخه يزقه إذا أطعمه بفيه.
انظر: الصحاح للجوهري (١٤/ ١٤٩)، والقاموس المحيط (٣/ ٢٤٩).
(٣) كلام ابن عقيل نقله الجراعي عن الواضح (١/ ق ٢٠٦ ب- ٢٠٧ أ) بتصرف يسير.
(٤) سورة البقرة: (٣١) قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} الآية ووجه استدلال القائلين بالتوقيف من الآية من حيث إنها =