واللامات ظاهرة فيه، والكتاب العزيز مشتمل على كثير من ذلك تارة بالتصريح وتارة بالظاهر وتارة بالإيماء، والأصل ما ذكرناه:
احتج النافون بوجوه:
أحدها: قال ابن الخطيب: لو كانت معللة بعلة لكانت تلك العلة إن كانت قديمة لزم من قدمها قدم الفعل وهو محال، وإن كانت محدثة افتقرت إلى علة أخرى ولزم التسلسل.
قال: وهذا هو المراد من قول المشائخ (١) كل شيء صنعه ولا علة لصنعه.
الثاني: كل من فعل فعلًا لأجل تحصيل مصلحه أو دفع مفسدة فإن كان تحصيل المصلحة أولى له من عدم تحصيلها كان ذلك الفاعل قد استفاد بذلك الفعل تحصيل الأولوية، وكل من كان كذلك كان ناقصًا بذاته مستكملًا بغيره، وهو في حق الله تعالى محال، وإن كان تحصيلها وعدمه سواء بالنسبة إليه فمع الاستواء لا يحصل الرجحان فامتنع الترجيح.
الثالث: لو فعل فعلًا لغرض فإن كان قادرًا على تحصيله بدون ذلك الفعل كان توسيطه عيبًا، وللزم العجز وهو ممتنع، ولأن ذلك الغرض مشروط بتلك الوسيلة، لكنه باطل لأن أكثر الأغراض إنما تحصل بعد انقضاء تلك الوسائل فيمتنع اشتراطه له.
(١) في كتاب الأربعين في أصول الدين "مشائخ الأصول".