أحدها: لو كانت قديمة لم يلزم من قدمها قدم المعلوم كالإرادة قديمة ومتعلقها حادث.
الثاني: لو كانت حادثة لم تفتقر إلى علة أخرى، وإنما يلزم لو قالوا: كل حادث مفتقر إلى علة وهم لم يقولوا ذلك، بل قالوا: يفعل لحكمة، فإنه لا يلزم من كون الأول مرادًا لغيره كون الثاني كذلك.
الثالث: أن هذا يستلزم التسلسل الاستقبالي، فإن الحكمة قد تكون حاصلة بعده وهي مستلزمة لحكمة أخرى وهلم جرا (١).
وعن الوجه الثاني بوجهين:
أحدها: منع الحصر، الثاني: النقص بالأفعال المتعدية كإيجاد العالم، فإن قالوا بخلوه عن نقص قيل: كذا في التعليل نمنع كونه ناقصًا في ذاته ومستكملًا بغيره في ذاته أو صفات ذاته، بل اللازم حصول كمالات ناشئة من جهة الفعل ولا امتناع فيه، فإن كونه محسنًا إلى الممكنات من حملة صفات الكمال. وكذا الكمال في كونه خالقًا رازقًا على مذهب الأشعري.
وعن الوجه الثالث: بأن إطلاق "الغرض" لا يجوز لما يوهمه عرفًا، ولنعدل عنه إلى لفظ العلة فنقول: لا نسلم لزوم
(١) هذا الفصل نقله الجراعي عن كتاب الأربعين في أصول الدين للرازي ص (٢٤٩ - ٢٥٠) وكذلك فعل الفتوحي في شرح الكوكب المنير (١/ ٣١٥ - ٣١٧)، انظر المنهاج لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢/ ٢٣٩) وما بعدها.